للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ فَبَلَغَ وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَأُورِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَشَارِحِيهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ مِنْهُ وَيَمْلِكُ لَا سَبْيُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَمَانِ أَبِيهِ اهـ.

وَرُدَّ بِأَنَّ إرَادَتَهُ بَيْعَهُ تَتَضَمَّنُ قَطْعَ تَبَعِيَّتِهِ لِأَمَانِهِ وَبِانْقِطَاعِهَا يَمْلِكُهُ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَتْبُوعَ يَمْلِكُ قَطْعَ أَمَانِ التَّابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْهُ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، فَمَا بَذَلَهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ تَمْكِينِهِ مِنْهُ لَا غَيْرَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ وَلَدَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ إذْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عِنْدَ قَصْدِهِ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ، بِخِلَافِ شِرَاءِ نَحْوِ أَخِيهِ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْهُ وَمُسْتَوْلِدَتِهِ إذَا قَصَدَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ فَيَمْلِكُهُمَا الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُمَا وَقَدْ أَفَادَ مَعْنَى ذَلِكَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ (وَلَوْ) (بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ) أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ (ظَانًّا حَيَاتَهُ) أَوْ عَدَمَ إذْنِ الْغَيْرِ لَهُ (فَبَانَ مَيْتًا) بِسُكُونِ الْيَاءِ فِي الْأَفْصَحِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى الْقَدِيمِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْمَالِكِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَلَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ بِشَيْءٍ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِمَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَقْدُ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا بَحَثَ مِنْ حُرْمَةِ الْإِقْدَامِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَعَدِّيًا فِي مَالِ الْغَيْرِ سِيَّمَا وَبَيْعُهُ مُقْتَضٍ عَادَةً لِتَسْلِيمِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَفْوِيتُهُ عَلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ) أَيْ فَلَا دَلَالَةَ فِي خَبَرِ عُرْوَةَ (قَوْلُهُ: فَبَلَغَ) أَيْ الطِّفْلُ وَأَجَازَ وَهَلْ تَنْعَقِدُ الْإِجَازَةُ مِنْ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لِمِلْكِهِ التَّصَرُّفَ حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا لِانْعِزَالِهِ بِبُلُوغِ الطِّفْلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلُ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ آثَارِ تَصَرُّفِهِ الْأَوَّلِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ قَبْلَ بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِ) أَيْ مَعَ تَيَسُّرِ مُرَاجَعَتِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا كَانَ كَالْغَائِبِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي الْغَائِبِ رُبَّمَا تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ الْبَيْعَ فِي غِيبَتِهِ وَالتَّأْخِيرُ إلَى مُرَاجَعَتِهِ يُفَوِّتُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: الرَّابِعُ الْمِلْكُ مِمَّنْ لَهُ الْعَقْدُ وَوَلَدُ الْمُعَاهَدِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ إيرَادُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَرَدُّ الْإِيرَادِ يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ الشَّارِحُ قَائِلًا بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ وَفِي كَوْنِ الْمَتْبُوعِ يَمْلِكُ قَطْعَ أَمَانِ التَّابِعِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ) أَيْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ) وَهَذَا يَجْرِي فِي شِرَاءِ وَلَدِ الْمُعَاهَدِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ أَسَرَ حَرْبِيًّا لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ الْفِدَاءَ أَوْ غَيْرَهُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ فِي السِّيَرِ تُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانِهِمْ إلَخْ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ ذَكَرًا كَامِلًا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ: أَيْ فَإِنَّ لَهُ سَلَبَهُ، نَصُّهَا: نَعَمْ لَا حَقَّ لَهُ: أَيْ لِلْآسِرِ فِي رَقَبَتِهِ وَفِدَائِهِ لِأَنَّ اسْمَ السَّلَبِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: نَحْوُ أَخِيهِ) أَيْ أَخِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَمَةَ مِثَالٌ فَمِثْلُهَا بِنْتُ مُوَرِّثِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ بِأَنْ أَذِنَتْ لَهُ انْتَهَى.

سم عَلَى مَنْهَجٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ إرَادَتَهُ إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذَا اعْتِمَادٌ مِنْ الشَّارِحِ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ كَمَا يُعْلَمُ بِتَأَمُّلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالِاسْتِيلَاءِ) فِي هَذَا السِّيَاقِ تَسَمُّحٌ لَمْ يُرِدْ الشَّارِحُ حَقِيقَةَ مَدْلُولِهِ وَحَاصِلُ الْمُرَادِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالشِّرَاءِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ يَخْتَارُ الْإِمَامُ إحْدَى الْخِصَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَلْزَمُهُ تَخْمِيسُهُ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ سم قَدْ يُشْكِلُ قَوْلُهُ: أَيْ الشِّهَابِ حَجّ إذْ مَا هُنَا كَعِبَارَتِهِ أَوْ تَخْمِيسُ فِدَائِهِ إنْ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ صَارَ رَقِيقًا فَمَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَالْفِدَاءِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ لِلنَّحْوِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>