للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَابَّةٍ وَكُلِّ مَا الْمَقْصُودُ لُبُّهُ وَلَوْ انْكَسَرَ ذَلِكَ الْكُوزُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَقْصِيرٍ كَانَ ضَامِنًا لِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِمَّا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَدُونَ الْكُوزِ لِكَوْنِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ دُونَ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِبَاحَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ دَارٍ يَجْهَلُ قَدْرَهُ فَبَاعَ كُلَّهَا صَحَّ فِي صِحَّتِهِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

هَذَا الَّذِي يُشْرَبُ سُمِّيَ بِهِ لِمَا يَرْتَفِعُ فِي رَأْسِهِ مِنْ الزَّبَدِ انْتَهَى.

وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ وَقَدْ يُغْتَفَرُ الْجَهْلُ فِي أَنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى مَا ذَكَرَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَجْهُ الِاغْتِفَارِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ فِي الْعَادَةِ بِلَا صِيغَةٍ فَهُوَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) وَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي فِنْجَانِ الْقَهْوَةِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِلَا عِوَضٍ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ ضَمِنَ الظَّرْفَ دُونَ مَا فِيهِ، أَوْ بِعِوَضٍ ضَمِنَ مَا فِيهِ دُونَهُ.

وَمِنْ الْمَأْخُوذِ بِعِوَضٍ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ أَمْرِ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ لِسَاقِي الْقَهْوَةِ بِدَفْعِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْآخِذِ، لِأَنَّ مَالِكَهُ إنَّمَا أَبَاحَ الشُّرْبَ مِنْهُ بِعِوَضٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ لَهُ بِالْعِوَضِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الدَّافِعُ وَالْآخِذُ فِي الْعِوَضِ وَعَدَمِهِ هَلْ يُصَدَّقُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُوَافِقٌ لِلْغَالِبِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ضَمَانِ الظَّرْفِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ بِصِدْقِ الدَّافِعِ كَكَوْنِ الْآخِذِ مِنْ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْفَعُونَ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: صَحَّ فِي حِصَّتِهِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ) لَا يُنَاسِبُ مَا صَرَّحَ بِهِ كَلَامُهُ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ بَنَى الْكَلَامَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ بَدَلٌ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ، وَإِنْ أَشَارَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ إلَى التَّوَقُّفِ فِيهِ، وَوَجْهُ صَرَاحَةِ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ مَحْمُولٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا لِيَكُونَ فَاسِدًا حَتَّى يُوَافِقَ مَا قَدَّمَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْبَدَلُ مِمَّنْ شَرِبَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا أَمَرَ السَّقَّاءُ بِإِسْقَائِهِ، وَمِنْهُ الْجُبَّا الْمُتَعَارَفُ فِي الْقَهْوَةِ إذْ مَا هُنَا يُجْرَى فِيهَا حَرْفٌ بِحَرْفٍ، هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا انْكَسَرَ الْفِنْجَانُ مَثَلًا مِنْ يَدِ الشَّارِبِ، أَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ إلَى آخَرِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مُطْلَقًا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ.

وَوَجْهُهُ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةً فَاسِدَةً ضَامِنٌ كَغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا انْكَسَرَ مِنْ يَدِ السَّاقِي فَاعْلَمْ أَنَّ السَّاقِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَقِسْمٌ يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْقَهْوَةِ لِيَسْقِيَ عِنْدَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهُوَ أَجِيرٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ، وَقِسْمٌ يَشْتَرِي الْقَهْوَةَ لِنَفْسِهِ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْقَهْوَةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ كَذَا وَكَذَا مِنْ الْفَنَاجِينِ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَهَذَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَلَامِهِ، إذْ الْقَهْوَةُ مَقْبُوضَةٌ لَهُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْفَنَاجِينُ مَقْبُوضَةٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ.

وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ حَدَثَ الْآنَ وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَهْوَةِ يَخْشَى الضَّيَاعَ عَلَى الْفَنَاجِينِ فَيُسَلِّمُ لِلسَّاقِي مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْفَنَاجِينِ وَيَقْبِضُهُ لَهُ وَيَجْعَلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ.

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَهْوَةً يَأْتِي بِفِنْجَانٍ مِنْ تِلْكَ الْفَنَاجِينِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ يَأْخُذُ فِيهِ الْقَهْوَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَنَاجِينَ مَقْبُوضَةٌ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْعَارِيَّةِ إذْ لَمْ يَقَعْ بَدَلٌ وَلَا فِي الْعُرْفِ حَتَّى يَكُونَ فِي نَظِيرِ اسْتِعْمَالِهَا، وَإِنَّمَا الْبَدَلُ فِي نَظِيرِ الْقَهْوَةِ لَا غَيْرُ، وَحِينَئِذٍ إذَا تَلِفَ مِنْهُ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْعَارِيَّةِ وَيَضْمَنُ مَا فِيهَا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، هَذَا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِ الشَّارِبِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمُعَارُ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>