للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ الْجَهْلِ، وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذِرَاعٍ مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ مَجْهُولَةٍ الذُّرْعَانِ وَشَاءَ مِنْ قَطِيعٍ وَبَيْعِ صَاعٍ مِنْهَا بَعْدَ تَفْرِيقِ صِيعَانِهَا وَلَوْ بِالْكَيْلِ بِتَفَاوُتِ أَجْزَاءِ نَحْوِ الْأَرْضِ غَالِبًا وَبِأَنَّهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ صَارَتْ أَعْيَانًا مُتَمَيِّزَةً لَا دَلَالَةَ لِإِحْدَاهَا عَلَى الْأُخْرَى فَصَارَ كَبَيْعِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ هُنَا حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا صَاعًا مُعَيَّنًا مِنْهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ بَاطِنِهَا أَوْ إلَّا مِنْهَا وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ كَيْلَهَا لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَحَيْثُ عَلِمَ بِأَنَّهَا تَفِي بِالْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ، صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفَارِقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَنَظَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ إذْ لَا تَعَبُّدَ هُنَا، وَلَوْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهُوَ كَبَيْعِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ عَنْ إفَادَةِ التَّخْمِينِ؛ وَلِأَنَّهُ يَضْعُفُ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ، فَإِنْ ظَنَّ الِاسْتِوَاءَ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ.

قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَمَا فِيهَا لِلْبَائِعِ، لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْغَزَالِيَّ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ لِلْبَائِعِ وَفِي تِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَيُكْرَهُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ الْمَجْهُولَةِ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ لِتَرَاكُمِ الصُّبْرَةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا إلَّا الْمَذْرُوعَ لِأَنَّهُ لَا تَرَاكُمَ فِيهِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ جَمِيعِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ فَيَقِلُّ الْغَرَرُ، بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَاهَا، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نِصْفَهَا وَصَاعًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَّا صَاعًا مِنْهُ لِضَعْفِ الْحَزْرِ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ (وَلَوْ بَاعَ بِمَلِيءٍ) أَوْ مِلْءِ (ذَا الْبَيْتِ حِنْطَةً أَوْ بِزِنَةِ) أَوْ زِنَةِ (هَذِهِ الْحَصَاةِ ذَهَبًا أَوْ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ قَدْرَ ذَلِكَ (أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِأَصْلِ الْمِقْدَارِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ وَبِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ فِيهَا، وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى التَّنْصِيفِ فِي نَحْوِ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا وَهَذَا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ ثُمَّ لَا هُنَا، وَلِهَذَا لَوْ عَلِمْنَا قَبْلَ الْعَقْدِ مِقْدَارَ الْبَيْتِ وَالْحَصَاةِ وَثَمَنَ الْفَرَسِ كَانَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَيُفَارِقُ بَيْعَ ذَارِعٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: صَاعًا مُعَيَّنًا) أَيْ وَمُبْهَمًا أَيْضًا وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ وَرَقَةٌ مِنْ شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ مَثَلًا بِشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَأَحَدُهُمَا) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ عُلِمَ) عَطْفٌ عَلَى حَيْثُ لَمْ يُرِيدَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لِلشَّكِّ إلَخْ) قَالَ حَجّ: فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ مَتَى بَانَ أَكْثَرُ مِنْهَا كَبِعْتُكَ مِنْهَا عَشَرَةً فَبَانَتْ تِسْعَةً بَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَكَذَا إذَا بَانَا سَوَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ صَرِيحٌ، مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ بَلْ وَالِابْتِدَائِيَّة (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهَا حُفْرَةٌ) أَيْ بِالْإِخْبَارِ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الدَّكَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَا فِيهَا) أَيْ وَيَكُونُ مَا فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: جَزَمُوا بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُفْرَةَ وَالدَّكَّةَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ) أَيْ الْحُفْرَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي تِلْكَ) أَيْ مَوْضِعٌ فِيهِ ارْتِفَاعٌ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج حَيْثُ أَقَرَّ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَقَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُفْرَةِ وَالِانْخِفَاضِ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَذْرُوعَ) الْأَوْلَى لَا الْمَذْرُوعَ (قَوْلُهُ: إلَّا صَاعًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّصْفِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَتَمَيَّزَ كُلٌّ مِنْ نِصْفَيْ الصُّبْرَةِ كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلُّ صَاعٍ مِنْ الشَّرْقِيِّ بِكَذَا وَكُلُّ صَاعٍ مِنْ الْغَرْبِيِّ بِكَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ هَلْ الْمَرْدُودُ النِّصْفُ الَّذِي يُقَابَلُ كُلُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلشَّكِّ) أَيْ إنْ وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ هُنَا إلَخْ) أَيْ الصُّورَةُ أَنَّهَا وَفَّتْ بِالْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا بِدِرْهَمٍ وَكُلَّ صَاعٍ مِنْ نِصْفِهَا الْآخَرِ بِدِرْهَمَيْنِ صَحَّ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>