للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي قَدْرُهُ كَذَا، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طَرْحِ شَيْءٍ عِنْدَ نَحْوِ الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ لَا يَعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مَثَلًا مِنْ أَرْضٍ لَيَحْفِرَهَا وَيَأْخُذَ تُرَابَهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ التُّرَابِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهَا.

وَسَيَأْتِي بَيَانُ الذِّرَاعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَمَتَى كَانَ الْعِوَضُ) ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (مُعَيَّنًا) قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مُشَاهَدًا لِأَنَّ الْمُعَيِّنَ صَادِقٌ بِمَا عَيَّنَ بِوَصْفِهِ، وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ: أَيْ مُعَايَنٌ، فَالْأَوَّلُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُعَايَنَةِ: أَيْ الْمُشَاهَدَةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ) وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ.

وَعُلِمَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمُعَايَنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ فِي الْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ.

(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) فِي غَيْرِ نَحْوِ الْفُقَّاعِ كَمَا مَرَّ (بَيْعُ الْغَائِبِ) وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كُلُّ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَثْوَابٍ وَقَدْ شَاهَدَ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا فَخَرَجَتْ تِسْعَةً صَحَّ وَلَزِمَهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ، وَإِنْ خَرَجَتْ أَحَدَ عَشَرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، بَطَلَ فِي الْكُلِّ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ إذَا بَاعَهُ مُذَارَعَةً لِأَنَّ الثِّيَابَ تَخْتَلِفُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الزَّائِدِ شَائِعًا فِي جَمِيعِهَا، وَمَا زَادَ فِي الْأَرْضِ مُشَبَّهً لِبَاقِيهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مُشَاعًا فِي جَمِيعِهَا اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةً أَوْ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَطِيعًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ زَادَ وَالْمُشْتَرِي إنْ نَقَصَ إلَخْ اهـ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّزْمَةِ، وَلَا سِيَّمَا وَالْقَطِيعُ شَدِيدُ التَّفَاوُتِ كَأَثْوَابِ الرِّزْمَةِ أَوْ بِأَشَدَّ، وَمُجَرَّدُ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ أَوْ إجْمَالِهِ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بِهِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الرِّزْمَةِ وَغَيْرِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الرِّزْمَةَ لَمَّا كَانَتْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً غَلَبَ فِيهَا التَّفَاوُتُ وَلَا كَذَلِكَ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ الثَّمَنِ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِقِرْشٍ مَثَلًا وَدَفَعَ لَهُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ نِصْفًا (قَوْلُهُ: لَا يُعْمَلُ بِهِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ طَرْحِ قَدْرٍ مُعْتَادٍ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ كَحَطِّهِمْ لِكُلِّ مِائَةِ رِطْلٍ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ السَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ، وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَهُ أَوْ حُكْمَ الْغَصْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَيِّزَ الزَّائِدَ وَيَتَصَرَّفَ فِيمَا عَدَاهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُ ذَلِكَ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك الْمِائَةَ وَالْخَمْسَةَ مَثَلًا بِكَذَا (قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ: بِوَصْفِهِ وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَبِمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَا قَدْرَهُ) أَيْ أَوْ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، لَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ عَلَى الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ رَأَى شَيْئًا عَرَفَ جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَقَوْلُهُ: كَفَتْ مُعَايَنَتُهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ صِفَتِهِ مِنْ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ عَايَنَهُ وَشَكَّ أَشَعِيرٌ هُوَ أَوْ أُرْزٌ مَثَلًا هَلْ يَصِحُّ وَلَعَلَّ الْوَجْهَ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً اهـ.

وَقَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ صِفَةٌ تَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ كَذَا لِيَتِمَّ تَشْبِيهُهُ بِالزُّجَاجَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّاهِرُ: أَيْ مِنْ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُحِيطَ التَّخْمِينُ بِهِ) أَيْ فَلَوْ خَرَجَ مَا ظَنَّهُ الْبَائِعُ كَأَنْ خَرَجَ نُحَاسًا صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى زُجَاجَةً ظَنَّهَا جَوْهَرَةً، وَهَذَا مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ اشْتَرَيْت بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ حُمِلَتْ عَلَى الْفِضَّةِ، فَلَوْ بَانَ فُلُوسًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

وَأَمَّا لَوْ بَانَ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ بِحَيْثُ يُقَالُ فِيهَا نُحَاسٌ صَحَّ الْعَقْدُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَمْ يَنْتِفْ بِالْكُلِّيَّةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا سَمَّاهُ حَرِيرًا فَبَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى غَزْلٍ وَحَرِيرٍ وَالْحَرِيرُ أَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِمَا ذَكَرَ

(قَوْلُهُ: نَحْوِ الْفُقَّاعِ) كَحَمَامِ الْبُرْجَيْنِ وَمَاءِ السِّقَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا لَمْ يَرَهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَخْ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَذْرُعَ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالسُّمْكِ وَإِلَّا جَاءَ الْبُطْلَانُ مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ هُنَا أَيْضًا بِأَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>