للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ الْمَائِعُ فَإِنْ جَفَّ الْخَارِجُ أَوْ انْتَقَلَ أَوْ طَرَأَ نَجَسٌ آخَرُ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ مَبْلُولٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِنْجَاؤُهُ لِأَنَّ بَلَلَهُ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ الْمَحَلِّ ثُمَّ يُنَجِّسُهُ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ (وَلَوْ نَدَرَ) الْخَارِجُ (أَوْ انْتَشَرَ فَوْقَ الْعَادَةِ) أَيْ عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ (وَلَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ) إنْ كَانَ غَائِطًا (وَحَشَفَتَهُ) إنْ كَانَ بَوْلًا (جَازَ الْحَجَرُ) وَمَا فِي مَعْنَاهُ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي ذَلِكَ إلْحَاقًا لَهُ لِتَكَرُّرِ وُقُوعِهِ بِالْمُعْتَادِ.

وَالثَّانِي لَا بَلْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ فِيهِ لِأَنَّ جَوَازَ الْحَجَرِ تَخْفِيفٌ مِنْ الشَّارِعِ وَرَدَ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَوْ تَقَطَّعَ الْخَارِجُ تَعَيَّنَ فِي الْمُنْفَصِلِ الْمَاءُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ وَلَا حَشَفَتَهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ بِأَنْ صَارَ بَعْضُهُ بَاطِنَ الْأَلْيَةِ أَوْ فِي الْحَشَفَةِ وَبَعْضُهُ خَارِجَهَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ.

قِيلَ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ خُرُوجِ مَقْعَدَةِ الْمَبْسُورِ وَرَدِّهَا بِيَدِهِ أَنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ هُنَا بِمُجَاوَزَتِهِ الصَّفْحَةَ أَوْ الْحَشَفَةَ دَائِمًا عُفِيَ عَنْهُ فَيُجْزِيهِ الْحَجَرُ لِلضَّرُورَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ (وَيَجِبُ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ لِيُجْزِيَ (ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» (وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) إذْ الْمَقْصُودُ عَدَدُ الْمَسَحَاتِ، بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَكْفِي لَهُ حَجَرٌ بِثَلَاثَةِ أَطْرَافٍ عَنْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ عَدَدُ الرَّمْيِ وَهُنَا عَدَدُ الْمَسَحَاتِ

أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ فَيُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ بِالثَّلَاثِ (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِنْقَاءُ) بِرَابِعٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْإِنْقَاءُ أَنْ يُزِيلَ الْعَيْنَ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ خِلَافَهُ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

وَخَرَجَ بِبَالَ ثَانِيًا مَا لَوْ بَالَ ثُمَّ أَمْنَى فَتَعَيَّنَ الْمَاءُ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْأَوَّلِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ) لَا يُقَالُ الصَّحِيحُ أَنَّ الرُّخَصَ يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ: لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ لَمْ يُوجَدْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْرَ مَا وَرَدَ فِيهِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُهُ الْحَجَرُ) اعْتَمَدَ ذَلِكَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) مُعْتَمَدٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْحَمْلُ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ إجْزَائِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُصَلِّي عِنْدَ الْفَقْدِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَتُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ إجْزَاءُ الْحَجَرِ لِلْمَشَقَّةِ اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ: مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَطْرَافِ حَجَرٍ) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَوْ بِطَرَفَيْ حَجَرٍ بِأَنْ لَمْ يَتَلَوَّثْ فِي الثَّانِيَةِ فَتَجُوزُ هِيَ وَالثَّالِثَةُ بِطَرَفٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَفَّفَ النَّجَاسَةَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَلِكَوْنِ التُّرَابِ بَدَلَهُ أُعْطِيَ حُكْمَهُ اهـ حَجّ.

وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالِعٍ، وَدَخَلَ فِيمَا ذَكَرَ الْحَجَرُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إذَا لَمْ يَتَلَوَّثْ بِاسْتِعْمَالِهِ إلَخْ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجَرِ الْمُسْتَقِلِّ وَطَرَفِ الْحَجَرِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يَصْلُحُ كَوْنُ هَذَا قَسِيمًا لَهُ، فَلَعَلَّ الْأَصْلَ: وَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْمَسْحِ بِالْحَجَرِ أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ فِيهِ التَّثْلِيثُ) أَيْ بِأَنْ يَغْسِلَ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا يَجِفَّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَوْلَ الثَّانِيَ أَجْنَبِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَغَيْرُ الْأَجْنَبِيِّ مَا هُوَ (قَوْلُهُ: أَوْ طَرَأَ نَجِسٌ) أَيْ أَوْ طَاهِرٌ رَطْبٌ: أَيْ أَوْ مُخْتَلِطٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ الصَّادِقُ بِهِمَا قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ صَفْحَتَهُ وَلَا حَشَفَتَهُ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلُ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ إلَخْ وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ الْوَاوَ فِيهِ لِلْحَالِ وَعَلَيْهَا فَقَوْلُهُ فَإِنْ تَقَطَّعَ وَجَاوَزَ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهُ قَوْلَهُ عُفِيَ عَنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَفِي الْكَلَامِ تَهَافُتٌ لَا يَخْفَى حَيْثُ صَرَّحَ بِالِاسْتِنْجَاءِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، وَكُلٌّ مِنْ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ سَاقِطٌ فِي نُسَخٍ

(قَوْلُهُ: أَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>