للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَخْمِينًا) أَيْ حَزْرًا لِلتَّسَاوِي وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ (لَمْ يَصِحَّ) الْبَيْعُ (وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءٌ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيسَ النَّقْدُ عَلَى الْمَطْعُومِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ إذْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْبُطْلَانُ عِنْدَ انْتِهَاءِ التَّخْمِينِ بِالْأَوْلَى وَلَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَ الصُّبْرَتَيْنِ جَازَ الْبَيْعُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى كَيْلٍ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَهُمَا وَأَخْبَرَ الْآخَرَ بِهِ فَصَدَّقَهُ فَكَمَا لَوْ عَلِمَا. قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْإِخْبَارُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ أَوْ مِنْ ثَالِثٍ وَخَرَجَ بِتَخْمِينًا مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صُغْرَى بِكَيْلِهَا مِنْ كُبْرَى أَوْ صُبْرَةً بِأُخْرَى مُكَايَلَةً أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ أَوْ صُبْرَةً دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً أَوْ وَزْنًا بِوَزْنٍ فَيَصِحُّ إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ تَفَرَّقَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي حَالَةِ صِحَّةِ الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ الْجُمْلَتَيْنِ وَقِيلَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِحُصُولِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِصَاحِبِهَا فَالْمُعْتَبَرُ هُنَا مَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ فَقَطْ لَا مَا يُفِيدُ التَّصَرُّفَ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ قَبْضَ مَا بِيعَ مِقْدَارًا إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّقْدِيرِ، وَلَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جِزَافًا جَازَ لِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا بِهَا مُكَايَلَةً وَخَرَجَتَا سَوَاءٌ صَحَّ، وَإِنْ تَفَاضَلَتَا وَسَمَحَ رَبُّ الزَّائِدِ بِإِعْطَائِهِ أَوْ رَضِيَ رَبُّ النَّاقِصِ بِقَدْرِهِ مِنْ الزَّائِدِ أُقِرَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي كَامِلَيْنِ، وَضَابِطُ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ كَسَمْنٍ، أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ كَلَبَنٍ

(وَ) مِنْ ثَمَّ لَا تُعْتَبَرُ (الْمُمَاثَلَةُ) فِي نَحْوِ حَبٍّ وَثَمَرٍ إلَّا (وَقْتَ الْجَفَافِ) لِيَصِيرَ كَامِلًا وَتَنْقِيَتُهَا شَرْطٌ لِلْمُمَاثَلَةِ لَا لِلْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ أَيَنْقُصُ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَ الْجَفَافِ، وَإِلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَا) أَيْ حَقِيقَةً بِأَنْ كَالَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ فَلَا يَكْفِي ظَنٌّ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى إخْبَارٍ، ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ الْبُطْلَانُ، وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ تَخْمِينًا. قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ قَبْلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا بِذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ التَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَرَّقَا فِي هَذِهِ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ صُبْرَةً بِأُخْرَى مُكَايَلَةً أَوْ كَيْلًا بِكَيْلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا) هِيَ مَا لَوْ بَاعَ صُبْرَةً صُغْرَى بِكَيْلِهَا مِنْ كُبْرَى (قَوْلُهُ: بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ جُزَافًا جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ صُبْرَةَ الْبُرِّ بِصُبْرَةِ الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَا يُرَدُّ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا لَا جَفَافَ لَهُ كَالْقِثَّاءِ وَبَاقِي الْخَضْرَاوَاتِ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ حَبٍّ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ النَّحْوِ الْبَصَلَ إذَا وَصَلَ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي يُخَزَّنُ فِيهَا عَادَةً (قَوْلُهُ: وَثَمَرٍ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ إلَّا وَقْتَ الْجَفَافِ، إذْ لَوْ قُرِئَ بِالْمُثَنَّاةِ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ إلَّا وَقْتَ الْجَفَافِ مَعْنًى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّمْرِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقِيَتُهَا) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا بُدَّ بَعْدَ الْجَفَافِ مِنْ التَّنْقِيَةِ أَيْضًا لِصِحَّةِ بَيْعِ أَحَدِ الْجَافَّيْنِ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَشَارَ إلَخْ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْكَمَالِ (قَوْلُهُ: فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) وَصُورَةُ النَّهْيِ هُنَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا إذَنْ: أَيْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ نُقْصَانَ الرَّطْبِ بِالْجَفَافِ أَوْضَحُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَإِلَّا فَتَقْدِيمُ الْأَكْثَرِ كَلَامًا إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَأُخْبِرَ الْآخَرُ بِهِ فَصَدَّقَهُ) لَعَلَّ لَفْظَ أُخْبِرَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَالضَّمِيرُ فِي فَصَدَّقَهُ لِلْمَخْبَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ أُخْبِرَ حَتَّى يَتَأَتَّى قَوْلُهُ أَوْ مِنْ ثَالِثٍ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ إنْ تَسَاوَيَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْأَوْلَى أَوْمَأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ لَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>