للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاضِرٍ لِبَادٍ) ذَكَرَهُمَا لِلْغَالِبِ، وَالْحَاضِرَةُ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ وَهُوَ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ، وَالْبَادِيَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ (بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ) أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَكُونُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى وَطَنِهِ (بِمَتَاعٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا (تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَثَلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ بِالْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ أَوْ عُمُومِ وُجُودِهِ وَرُخْصِ السِّعْرِ أَوْ كِبَرِ الْبَلَدِ (لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَيَقُولُ) لَهُ (بَلَدِي) مَثَلًا (اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ) أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي لَك (عَلَى التَّدْرِيجِ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا (بِأَغْلَى) مِنْ بَيْعِهِ حَالًّا لِخَبَرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا ذُكِرَ بَيْعًا تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْإِرْشَادُ لَا الْبَيْعُ، لَكِنَّهُ سَمَّاهُ بَيْعًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ فَهُوَ مَجَازٌ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرِّيفُ (قَوْلُهُ: وَخِصْبٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الْخِصْبُ وِزَانُ حِمْلٍ النَّمَاءُ وَالْبَرَكَةُ وَهُوَ خِلَافُ الْجَدْبِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَخْصَبَ الْمَكَانُ بِالْأَلِفِ فَهُوَ مُخْصَبٌ. وَفِي لُغَةٍ خَصِبَ يَخْصَبُ مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهُوَ خَصِيبٌ، وَأَخْصَبَ اللَّهُ الْمَوْضِعَ إذَا أَنْبَتَ بِهِ الْعُشْبَ وَالْكَلَأَ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الْمُدُنُ وَالْقُرَى وَالرِّيفُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كُلُّ جَالِبٍ) وَيَظْهَرُ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ مَخْزُونٌ فَأَخْرَجَهُ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ فَتَعَرَّضَ لَهُ مَنْ يُفَوِّضُهُ لَهُ لِيَبِيعَهُ لَهُ تَدْرِيجًا بِأَغْلَى حَرُمَ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْآتِيَةِ انْتَهَى حَجّ.

وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ، لَكِنْ كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ بِهَامِشِ حَجّ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا عَدَمُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَهَا تَشَوُّفٌ لِمَا يُقْدَمُ بِهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: احْتَرَزَ بِهِ) أَيْ الْغَرِيبِ (قَوْلُهُ: تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ) أَيْ تَكْثُرُ، وَقَدْ يَشْمَلُ النَّقْدَ خِلَافًا لِقَوْلِ حَجّ إنَّ النَّقْدَ مِمَّا لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ اهـ حَلَبِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحِقَ بِذَلِكَ الِاخْتِصَاصَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا، وَأَنَّ مِثْلَ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ، فَلَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يُؤَجِّرَ مَحَلًّا حَالًا فَأَرْشَدَهُ شَخْصٌ إلَى تَأْخِيرِ الْإِجَارَةِ لِوَقْتِ كَذَا كَزَمَنِ النِّيلِ مَثَلًا حَرُمَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْبَلَدِ لِاعْتِيَادِهِمْ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مِثْلَهُ فِي احْتِيَاجِ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّائِفَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَهْلُ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُهُ غَيْرُهُمْ كَالْوَدَعِ، الْمَعْرُوفُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَيْسَ بِقَيْدٍ أَيْضًا وَسَوَاءٌ احْتَاجُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ دَوَابِّهِمْ حَالًا أَوْ مَآلًا.

(قَوْلُهُ: بِسِعْرِ يَوْمِهِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْوِيرٌ، فَلَوْ قَدِمَ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَقَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ لِأَبِيعَهُ لَك بِسِعْرِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الْآتِي فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ التَّقْيِيدُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنْ يُرِيدَ بَيْعَهُ بِسِعْرِ الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَسَأَلَهُ تَأْخِيرَهُ عَنْهُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّضْيِيقُ إلَّا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إنَّمَا تَتَشَوَّفُ لِلشَّيْءِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ اهـ حَجّ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِ الْعِلَّةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَبِيعَهُ فُلَانٌ مَعِي) أَيْ أَوْ بِنَظَرِي فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ حَجّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِمَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ قَالَ اُتْرُكْهُ لِيَبِيعَهُ لَك فُلَانٌ فَقَطْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَك) أَيْ لِأَجْلِك (قَوْلُهُ: شَيْئًا فَشَيْئًا) أَيْ فَهُوَ كَالصَّاعِدِ فِي دَرَجٍ شَيْخُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَغْلَى) لَمْ يَتَعَرَّضْ حَجّ وَلَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِهِ قَيْدًا مُعْتَبَرًا أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الدَّاخِلِ إلَى وَطَنِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَاهُ مَعَ بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ لِيَبِيعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْدَمَ غَرِيبٌ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ بَيْعِ الْحَاضِرِ الْبَادِي شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَيْعٌ بِالْفِعْلِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ جَعْلِهِ مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ نَظَرَ فِيهِ إلَى حَقِيقَةِ اللُّغَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>