مِمَّا مَرَّ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.
(وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ) جَمْعُ رَاكِبٍ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ، وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ وَلَوْ وَاحِدًا مَاشِيًا لِلشِّرَاءِ مِنْهُمْ (بِأَنْ) يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ فَيُصَادِفُهُمْ فَيَشْتَرِي مِنْهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِلتَّلَقِّي عَلَى الْأَصَحِّ لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَوْ بِأَنْ (يَتَلَقَّى طَائِفَةً) وَهِيَ تَشْمَلُ الْوَاحِدَ خِلَافًا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ (يَحْمِلُونَ مَتَاعًا) وَإِنْ نَدَرَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ (إلَى الْبَلَدِ) يَعْنِي إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ الْمُتَلَقِّي أَوْ إلَى غَيْرِهِ (فَيَشْتَرِيه) مِنْهُمْ بِغَيْرِ طَلَبِهِمْ (قَبْلَ قُدُومِهِمْ) الْبَلَدَ مَثَلًا (وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ وَيَصِحُّ لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إلَى الْأَسْوَاقِ، فَمَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ احْتِمَالُ غَبْنِهِمْ سَوَاءٌ أَخْبَرَ كَاذِبًا أَوْ لَمْ يُخْبِرْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ فَإِنْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ الْقَادِمُ لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَبِيعَ لَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ مَرَّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقَادِمِ) بَيَانٌ لِحِكْمَةِ قَوْلِهِ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْرُجَ) مِنْهُ يُعْلِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ لِلْأَغْلَبِ رَاجِعٌ لِلتَّلَقِّي (قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ) عَلَامَةُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ طَائِفَةٍ الْجَمْعُ لَا الْوَاحِدُ، وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولِ الطَّائِفَةِ، هَذَا وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ بَعْضَ الْعُرْبَانِ يَقْدَمُ إلَى مِصْرَ وَيُرِيدُ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ فَيَمْنَعُهُمْ حُكَّامُ مِصْرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالشِّرَاءِ خَوْفًا مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَارْتِفَاعِ الْأَسْعَارِ فَهَلْ يَجُوزُ الْخُرُوجُ إلَيْهِمْ وَالْبَيْعُ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا الشِّرَاءُ مِنْ الْمَارِّينَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ قُدُومِهِمْ إلَى مِصْرَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ سِعْرَ مِصْرَ فَتَنْتَفِي الْعِلَّةُ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْجَوَازُ فِيهِمَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهِمْ. إذْ الْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَقْدَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ سِعْرَ الْبَلَدِ، وَأَنَّ الْعَرَبَ إذَا أَرَادُوا الشِّرَاءَ يَأْخُذُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِهِ فِي الْبَلَدِ لِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ. نَعَمْ إنْ مَنَعَ الْحَاكِمُ مِنْ الْبَيْعِ عَلَيْهِمْ حَرُمَ لِمُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّلَقِّي الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَشْتَرِيه مِنْهُمْ) أَيْ وَلَوْ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ عَنْهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدُومِهِمْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرِيدُوا دُخُولَ الْبَلَدِ بَلْ اجْتَازُوا بِهَا فَيَحْرُمُ الشِّرَاءُ مِنْهُمْ فِي الْحَالِ جَوَازَهُمْ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ اعْتَمَدَهُ مَرَّ قَالَ: وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ قَصَدَ بَلَدًا بِبِضَاعَةٍ فَلَقِيَ فِي طَرِيقِهِ إلَيْهَا رَكْبًا قَاصِدِينَ الْبَلَدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا لِلْبَيْعِ فِيهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ) مِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ شِرَاءُ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ قَبْلَ دُخُولِهِمْ الْبَلَدَ حَجّ وَعِبَارَتُهُ: وَشَمَلَ ذَلِكَ تَعْبِيرَ غَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ الْجَالِبِ بَلْ يَشْمَلُ شِرَاءَ بَعْضِ الْجَالِبِينَ مِنْ بَعْضٍ اهـ.
أَقُولُ: وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالسِّعْرِ السِّعْرُ الْغَالِبُ فِي الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لِلْمُسَافِرِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ السِّعْرُ فِي أَسْوَاقِ الْبَلَدِ الْمَقْصُودَةِ (قَوْلُهُ: فَيَعْصِي بِالشِّرَاءِ) أَفْهَمَ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُجِيبُوهُ لِلْبَيْعِ لَا يَعْصِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ) التَّعْلِيلُ بِهِ يَقْتَضِي حُرْمَةَ الشِّرَاءِ وَإِنْ
[حاشية الرشيدي]
الْحُرْمَةَ
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ» ) لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَا هُنَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ الْخَبَرِ الَّذِي سَاقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَعْرِفَتُهُمْ بِالسِّعْرِ وَإِلَّا فَمَا هُنَا لَيْسَ فِيهِ تَلَقٍّ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهُ فَأَوْرَدَهُ عَلَيْهِ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ عَقِبَ هَذَا نَظَرًا لِمَا يُخَصِّصُهَا لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ لَهَا عَلَى بَعْضِ مَاصَدَقَاتِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْمِلُونَ مَتَاعًا اهـ: أَيْ فَفِيهِ شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ حَيْثُ أَرَادَ بِلَفْظِ الطَّائِفَةِ مَعْنًى هُوَ الْمَعْنَى الشَّامِلُ لِلْوَاحِدِ، ثُمَّ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْغَيْرِ الشَّامِلِ لِلْوَاحِدِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الشِّهَابِ سم قَوْلُهُ نَظَرًا لِمَا لَا يُخَصِّصُهَا إلَخْ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ جَمْعَ ضَمِيرِ الطَّائِفَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْجَمَاعَةَ فَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ إلَّا هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute