للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلِوَاطُهُ وَتَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَسِحَاقُهَا (وَسَرِقَتُهُ) إلَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ غَنِيمَةٌ.

نَعَمْ هُوَ صُورَةُ سَرِقَةٍ (وَإِبَاقُهُ) إلَّا إذَا جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا مِنْ بِلَادِ الْهُدْنَةِ لِأَنَّ هَذَا إبَاقٌ مَطْلُوبٌ، وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِهِ إذَا عَادَ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَتَكَرَّرَتْ أَمْ لَا، وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهَا وَحَسُنَ حَالُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْلَفُهَا وَلِأَنَّ تُهْمَتُهَا لَا تَزُولُ، وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إحْصَانٌ الزَّانِي بِتَوْبَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ رَدَّهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَبَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً ظَنَّهَا هُوَ وَبَائِعُهَا زَانِيَةً وَبَانَتْ كَذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ زِنَاهَا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَقَرَّهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الشِّرَاءَ مَعَ ظَنِّ الْعَيْبِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَوْ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ بِهِ، وَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ بِمَا ذُكِرَ قَالَ: لِأَنَّ وُجُودَهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَمَارَةٌ عَلَى وُجُودِهِ قَبْلُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْإِلَهِيَّةُ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكْشِفُ السِّتْرَ عَنْ عَبْدِهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ فَلَا الْتِفَاتَ لَهُ، وَبِتَسْلِيمِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ الْمَرَّةَ الْأُولَى وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ وَالثَّانِيَةُ مِنْ آثَارِهَا. [تَنْبِيهٌ] يَثْبُتُ زِنَا الرَّقِيقِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَيَكْفِي فِيهَا رَجُلَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْرِضِ التَّعْبِيرِ حَتَّى يُشْتَرَطَ لَهُ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، وَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْعَبْدِ بِالزِّنَا لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. [فَرْعٌ] لَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ قَبْلَ رَقِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَيْبٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: وَهَلْ مِثْلُهُمَا غَيْرُهُمَا كَالْجِنَايَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالْقَذْفُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ صُدُورَهَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى إلْفِهِ لَهَا طَبْعًا وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَسِحَاقُهَا) وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ اهـ حَجّ وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَزِنَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَسَرِقَتُهُ) أَيْ وَلَوْ اخْتِصَاصًا اهـ حَجّ.

وَإِنْ وُجِدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ وُجُودِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إبَاقٌ مَطْلُوبٌ) وَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ أَبَقَ إلَى الْحَاكِمِ لِضَرَرٍ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً أَلْحَقَهُ بِهِ نَحْوُ سَيِّدِهِ وَقَامَتْ بِهِ قَرِينَةٌ اهـ حَجّ. وَأَطْلَقَ عَلَى الْمَجِيءِ لِلْحَاكِمِ إبَاقًا لِأَنَّ الْإِبَاقَ هُوَ الْهَرَبُ مِنْ السَّيِّدِ وَإِنْ عُرِفَ الْمَحَلُّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ.

وَفِي الْمُخْتَارِ: أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبَقُ وَيَأْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا: أَيْ هَرَبَ اهـ.

وَفِي حَجّ أَيْضًا: وَمَا لَوْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ تَسْوِيلُ نَحْوِ فَاسِقٍ يُحْمَلُ مِثْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ عَادَةً اهـ: أَيْ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْعَبْدِ فِي ذَلِكَ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ، وَقَوْلُ حَجّ إلَى الْحَاكِمِ: أَيْ أَوْ إلَى مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ حَيْثُ لَمْ يُغْنِهِ السَّيِّدُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِهِ) أَيْ الْإِبَاقِ (قَوْلُهُ: إذَا عَادَ) هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا أَبَقَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ أَبَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا رَدَّ مَعَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ مَا حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ وَيَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ أَوْ لَا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ خِلَافٍ فِيهِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا أَرْشَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ اللِّوَاطِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَتَكَرَّرَتْ أَمْ لَا) وُجِدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تُهْمَتَهَا) أَيْ النَّقْصِ وَالْحَاصِلِ بِهِ لَا يَزُولُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بَيْنَ شُرْبِ الْخَمْرِ) أَيْ إذَا تَابَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) وَهُوَ أَنَّ تُهْمَتَهَا لَا تَزُولُ بِخِلَافِ شُرْبِ الْخَمْرِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ مُضِيُّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ سَنَةٌ أَوْ لَا؟ ، فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ) أَيْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَوْ مَرَّةً وَتَابَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا اُعْتِيدَ فِي مَرِيدِ بَيْعِ الدَّوَابِّ مِنْ تَرْكِ حَلْبِهَا لِإِيهَامِ كَثْرَةِ اللَّبَنِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ وَطْءَ الْبَهِيمَةِ كَذَلِكَ) يَعْنِي وَلَوْ تَابَ فَاعِلُهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>