للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا أَوْ كَذَّابًا أَوْ قَاذِفًا أَوْ مُقَامِرًا أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَرْكِ مَا يُقْتَلُ بِهِ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي إطْلَاقِ كَوْنِ التَّرْكِ عَيْبًا نَظَرٌ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِبُلُوغٍ أَوْ إسْلَامٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّرْكُ خُصُوصًا الْإِمَاءَ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فِي قَدِيمَاتِ الْإِسْلَامِ.

وَقَضِيَّةُ الضَّابِطِ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ مَنْعُ الرَّدِّ أَوْ شَارِبًا لِلْخَمْرِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِشُرْبِهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ دُونَ مَنْ يَعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي، وَمِثْلُ الْمَشْرُوبِ الْبَنْجُ وَالْحَشِيشُ أَوْ أَصَمَّ وَلَوْ فِي إحْدَى أُذُنَيْهِ أَوْ أَقْرَعَ أَوْ أَبْلَهَ أَوْ أَرَتَّ أَوْ لَا يَفْهَمُ أَوْ أَلْثَغَ أَوْ مَجْنُونًا وَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَجْهَرَ أَوْ أَعْشَى أَوْ أَخْشَمَ أَوْ أَبْكَمَ أَوْ فَاقِدَ الذَّوْقِ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ ظُفُرٍ أَوْ شَعْرٍ وَلَوْ عَانَةً أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا ذِمَّتِهِ دَيْنٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَوَجَدَهُ يَغِطُّ فِي نَوْمِهِ أَوْ وَجَدَهُ ثَقِيلُ النَّوْمِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ فِيهِمَا زَائِدًا عَلَى عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَالثَّانِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ ضَعْفٍ فِي الْبَدَنِ.

[فَرْعٌ] لَيْسَ مِنْ الْعُيُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ وُجِدَ أَنْفُ الرَّقِيقِ مَثْقُوبًا أَوْ أُذُنُهُ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَذَّابًا) وَعَبَّرُوا هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ لَا فِي نَحْوِ قَاذِفًا فَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكُلَّ السَّابِقَ وَالْآتِي عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ ذَلِكَ صَارَ كَالطَّبْعِ لَهُ: أَيْ بِأَنْ يَعْتَادَهُ عُرْفًا نَظِيرُ مَا مَرَّ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَاذِفًا) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمُحْصَنَاتِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: تَرَكَ مَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ خَرَجَ وَقْتُهَا الضَّرُورِيُّ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ لَكِنْ فِي كَلَامِ حَجّ مَا نَصُّهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ: أَيْ اعْتِبَارُ تَكَرُّرِ مَا يُعَدُّ عَيْبًا فِيهِ بَحْثِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ تَرْكَ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ يُقْتَلُ بِهَا عَيْبٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا صَيَّرَهُ مُهْدَرًا وَهُوَ أَقْبَحُ الْعُيُوبِ اهـ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مُهْدَرًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ مُهْدَرًا أَنَّهُ صَارَ مُعَرَّضًا لِلْإِهْدَارِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ الرَّدُّ) أَيْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَ حِلَّهُ كَحَنَفِيٍّ اعْتَادَ شُرْبَ النَّبِيذِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْحَشِيشُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَصَمَّ) أَيْ وَلَوْ فِي إحْدَى أُذُنَيْهِ الْمُرَادُ بِالصَّمَمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ ثِقَلَ السَّمْعِ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْلَهُ) رَجُلٌ أَبْلَهُ بَيِّنُ الْبَلَهِ وَالْبَلَاهَةِ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ وَبَابُهُ طَرِبَ وَسَلِمَ وَتَبَلَّهَ أَيْضًا وَالْمَرْأَةُ بَلْهَاءُ، وَفِي الْحَدِيثِ «أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ» يَعْنِي الْبُلْهَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَسُ النَّاسِ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ اهـ مُخْتَارٌ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْأَبْلَهِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ التَّغَفُّلُ وَعَدَمُ الْمَعْرِفَةِ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ: بَلِهَ بَلَهًا مِنْ بَابِ تَعِبَ ضَعُفَ عَقْلُهُ فَهُوَ أَبْلَهُ، وَالْأُنْثَى بَلْهَاءُ وَالْجَمْعُ بُلْهٌ مِثْلُ أَحْمَرُ وَحَمْرَاءُ وَحُمْرٌ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: خَيْرُ أَوْلَادِنَا الْأَبْلَهُ الْغُفُولُ.

الْمَعْنَى: أَنَّهُ لِشِدَّةِ حَيَائِهِ كَالْأَبْلَهِ يَتَغَافَلُ وَيَتَجَاوَزُ فَشَبَهُ ذَلِكَ بِالْبَلَهِ مَجَازًا (قَوْلُهُ أَوْ أَرَتُّ) أَيْ لَا يَفْهَمُ كَلَامَهُ الْغَيْرُ اهـ شَرْحُ رَوْضٍ.

وَلَعَلَّ مِثْلَهُ الْأَرَثُّ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ وَقَدْ يُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ هُنَا مُقَابَلَتُهُ بِالْأَلْثَغِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَفْهَمُ) أَوْ أَبْيَضُ الشَّعْرِ لِدُونِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَاضِ قَدْرٍ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ شَيْبًا مُنْقِصًا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ أَوْ أَبْكَمُ) بِأَنْ يَكُونَ لَا يُفْهَمُ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَعْرٍ) أَيْ لِأَنَّ عَدَمَ نَبَاتِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الْبَدَنِ، وَإِنَّمَا أَخْذُ الْعَانَةِ غَايَةٌ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَسَبَّبُ فِي عَدَمِ إنْبَاتِهَا بِالدَّوَاءِ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ إنْبَاتِهَا لَيْسَ عَيْبًا (قَوْلُهُ: أَوْ فِي رَقَبَتِهِ لَا ذِمَّتِهِ دَيْنٌ) يُتَأَمَّلُ فِيهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قِيلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَكَيْفَ يُعَدُّ مِنْ الْعُيُوبِ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَجْنِي جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهَا مِنْ ضَمَانِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>