للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَجَّهَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّ النَّافِيَ فِيهِ كَالْمُتَلَاعِبِ، لِأَنَّ الْحَدَثَ إذَا ارْتَفَعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ هَذِهِ وَغَيْرَهَا فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ وَلَا أُصَلِّي بِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِطُهْرٍ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ افْتِقَارِهِمَا إلَى طُهْرٍ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَلَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِنِيَّتِهِمَا لِأَنَّهُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ اسْتِبَاحَةَ، إذْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَتِهِمَا تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ فَلَا فِي الْأَصَحِّ (أَوْ) نِيَّةِ (أَدَاءِ فَرْضِ الْوُضُوءِ) أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَإِنْ كَانَ النَّاوِي صَبِيًّا، أَوْ أَدَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ الْوُضُوءِ فَقَطْ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَجْلِهِ أَوْ الْوَاجِبَةِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ أَوْ أَدَاءِ الطَّهَارَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ فِعْلَ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ.

وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا، وَأَيْضًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَطْرَأُ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاوِيَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ يَكْتَفِي مِنْهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي غَيْرِ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ.

أَمَّا هُوَ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ.

قَالَ: غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ تَخْرِيجَهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى انْتَهَى.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَدَثِ، وَاَلَّذِي أَبْقَاهُ بَعْضٌ آخَرُ، وَالْحَدَثُ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ فَلَا يَصِحُّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا رَدَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ مَا شَاءَ بِأَنَّ فِي مَسْأَلَتِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ صَلَاةٌ أَصْلًا اهـ (قَوْلُهُ: وَوَجَّهَهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَمَنْ قَالَ أُصَلِّي بِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ. قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءِ، الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الْفِعْلُ وَالْإِتْيَانُ لَا مُقَابِلُ الْقَضَاءِ اهـ سم عَلَى بَهْجَةٍ.

قُلْت: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْعِبَادَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا.

وَالْوُضُوءُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا بِحَيْثُ يَكُونُ فِعْلُهُ فِيهِ أَدَاءً وَبَعْدَهُ قَضَاءً (قَوْلُهُ: أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْ الْحَدَثِ) أَمَّا نِيَّةُ الطَّهَارَةِ فَقَطْ فَلَا تَكْفِي كَنِيَّةِ الْغُسْلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَنْ حَدَثٍ وَخُبْثٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُ) أَيْ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ) وَمِثْلُهَا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ نَقْلًا عَنْ الشَّارِحِ.

وَفِي كَلَامِ حَجّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِكُلِّ نِيَّةٍ مِمَّا مَرَّ حَتَّى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالِاسْتِبَاحَةِ.

قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِبَعِيدٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ قَرِيبٌ إنْ أَرَادَ صُورَتَهُمَا، كَمَا أَنَّ مُعِيدَ الصَّلَاةِ يَنْوِي بِهَا الْفَرْضَ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَا كَافٍ كَهُوَ ثَمَّ اهـ: أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُلَاحَظَةُ الْإِعَادَةِ لِمَا هُوَ فَرْضٌ، وَلَا نِيَّةُ مَا هُوَ فَرْضٌ صُورَةً وَلَا مَا هُوَ فَرْضٌ فِي الْجُمْلَةِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْفَرْقِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهِ فَرْضُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ الْإِسْنَوِيُّ. إلَخْ)

الْإِسْنَوِيُّ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ. وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ بَحَثَ الِاكْتِفَاءَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِالْأَوَّلِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَدِّ الْبَحْثِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: تَنْبِيهٌ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ، أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ، غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْعِمَادِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ رَدًّا عَلَى الْبَحْثِ. فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>