للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَجْنُونًا فَأَفَاقَ رَشِيدًا فَاشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ أَنَّهُ يَصْدُقُ كَالنَّاشِي بِالْبَادِيَةِ وَلَا فِي مُشْتَرِي شَخْصًا مَشْفُوعًا وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَانْتَظَرَهُ هَلْ يَشْفَعُ أَوْ لَا، وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ.

نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا وَلَمْ يَفْعَلْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ أَوْ مَغْصُوبٍ فَأَخَّرَهُ مُشْتَرِيهِ لِعَوْدِهِ فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ وَلَا إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أُزِيلُ عَنْك الْعَيْبَ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَلَا فِيمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَخَذَ فِي إثْبَاتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ كَمَا لَا يَجِبُ فِي رَدِّهِ مَا قَبَضَهُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَوْ بِأَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْفَوْرِ إنْ كَانَ عَامًّا يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا) أَيْ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ بِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ، وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي مَحَالَّ أَنَّهُ يُعْذَرُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي قِيلَ بِعُذْرِهِ فِيهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِبَادَاتِ أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا وَمَا قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ كَهَذَا الْمَوْضِعِ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ خَفَائِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِمِّيٍّ اشْتَرَى وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكُفْرِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَتَرَك الرَّدَّ لِجَهْلِهِ وَهُوَ مُخَالِطٌ لَنَا فَلَا يُعْذَرُ، وَعِبَارَةُ حَجّ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ يَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُعْذَرُ مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لَنَا بِأَنَّهُ فِي حَالَةِ كُفْرِهِ لَمْ يَلْتَزِمْ جَمِيعَ أَحْكَامِنَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي الرَّدِّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: فَاشْتَرَى شَيْئًا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعَلُّمُ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مُشْتَرٍ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ فِي مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَانْتَظَرَهُ) أَيْ مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بُلُوغُهُ الْخَبَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يُخْرِجَهَا) وَيُغْتَفَرُ لَهُ مِقْدَارُ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ إخْرَاجُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ عَادَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا) وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي مَبِيعٍ آبِقٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْإِبَاقُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) وَقِيَاسُ مَا قِيلَ فِي الْمَالِ الزَّكَوِيِّ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِ الْمَغْصُوبِ وَرَدِّ الْآبِقِ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ سَقَطَ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الرَّدِّ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ مَعًا كَمَا يُفْهَمُ عَنْ كَلَامِ حَجّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَغْصُوبَ وَصَرَّحَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْآبِقِ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ الرَّدَّ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَقَطَ وَإِنْ عَذَرَ بِالتَّأْخِيرِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَا أَرْشَ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا إنْ قَالَ) أَيْ وَلَا يَجِبُ فَوْرٌ إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ كَانَتْ تُقَابِلُ بِأُجْرَةٍ وَطَلَبَ الْبَائِعُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ.

وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِطَلَبِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُنْسَبْ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَى رِضًا بِالْعَيْبِ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ فِي مُدَّةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَأْخِيرِهِ إلَيْهَا سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْهُ) أَيْ الْإِثْبَاتُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ: وَعُذِرَ بِقُرْبِ إسْلَامِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَهُوَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، فَالصُّورَةُ أَنَّ الذِّمِّيَّ أَسْلَمَ بِخِلَافِ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ إذَا عَادَ) فَلَيْسَ تَأْخِيرُهُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ كَمَا لَهُ الرَّدُّ حَالًا. (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>