الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ اهـ.
وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، وَعَلَيْهِ يَحْمِلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ.
نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَذَهَبَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ بَطَلَ حَقُّهُ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ يَشْهَدُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ، عَلَى أَنَّ مَحَلَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شُهُودٍ غَالِبًا، فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: لَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يُفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ.
قَالَ فِي الْإِسْعَادِ: وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ (وَإِنْ) (كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِهَا (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ لَقِيَ الْقَاضِي أَوَّلًا فَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ إلَخْ، وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ أَوْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عُدُولُهُ إلَى الْبَائِعِ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ وَرَأَى الْقَاضِي قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْبَائِعِ، وَقَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ عِبَارَةَ الْأَذْرَعِيِّ، وَانْظُرْ لَوْ لَقِيَ الْبَائِعُ أَوْ تَرَكَهُ لِوَكِيلِهِ أَوْ عَكْسَهُ هَلْ يَضُرُّ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ أَوْ لَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْحَاكِمُ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا لَوْ لَقِيَ الْبَائِعَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ لِأَنَّهُ آكَدُ، فَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي الضَّرَرِ مَا لَوْ لَقِيَ الْمُوَكِّلَ وَعَدَلَ عَنْهُ إلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالرَّدِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَعُدُولُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ تَقْصِيرٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الذَّهَابِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَرَكَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ لِعَدَمِ نِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَسَافَتَانِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ) أَيْ وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَا لَوْ وَقَعَتْ الدَّعْوَى عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عِنْدَهُ مَنْ يَحْكُمُ لَهُ (قَوْلُهُ: بَطَلَ حَقُّهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ خَلَا مَجْلِسُ الْحُكْمِ عَنْ الشُّهُودِ وَأَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَالْإِشْهَادُ خَارِجَهُ عَلَى الْفَسْخِ مَرَّ سم عَلَى حَجّ.
وَيُوَجَّهُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ شَاهِدًا لَهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْإِسْعَادِ) لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْسَخُ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنَّمَا إلَخْ، وَهَلْ يُقَدَّمُ الْفَسْخُ عَلَى الْإِخْبَارِ هُنَا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْفَرَاوِيِّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْإِخْبَارِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِشْهَادِ الْآتِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّفْعِ الْآتِي لِلْقَاضِي فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِخْبَارِ، بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِخْبَارِ بِالْفَسْخِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا) أُلْحِقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرُ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ مِنْهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: رُفِعَ الْأَمْرُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ غَائِبًا وَلَا وَكِيلَ لَهُ بِالْبَلَدِ وَلَا حَاكِمَ بِهَا وَلَا شُهُودَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ الْمَقَامِ اللُّزُومُ اهـ سم
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَقِيَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَيَكُونُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْآخَرِ، وَصَرِيحُ سِيَاقِهِ أَنَّ هَذَا الصِّدْقَ مُعْتَمَدٌ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ رَدِّهِ لِتَقْيِيدِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدْرِكْ إلَّا إذَا اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَرَّ بِالْقَاضِي لَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَرَّ بِالْحَاكِمِ فِي طَرِيقِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute