لَمْ يَحْتَجْ لِلْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ لِأَنَّ الرَّدَّ هُنَا رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ، وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ إظْهَارُ الطَّلَبِ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ (إنْ أَمْكَنَهُ) وَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ عَنْهُ الْفَوْرِيَّةُ لِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) إلَّا لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً وَحِينَئِذٍ لَا يَبْطُلُ رَدُّهُ بِتَأْخِيرِهِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ.
نَعَمْ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ غَايَةٌ لِفَصْلِ الْأَمْرِ خَاصَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِ الْفَسْخِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا وَجْهَ لِوُجُوبِ فَوْرٍ وَلَا إنْهَاءٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَاكِمِ وَالْخَصْمِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى إيجَابِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي حَالَتَيْ وُجُودِ الْعُذْرِ وَفَقْدِهِ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِهِ يُسْقِطُ الْإِنْهَاءَ وَيَجِبُ تَحَرِّي الْإِشْهَادَ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَعِنْدَ فَقْدِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ وَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْإِشْهَادُ: أَيْ تَحَرِّيه فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ وَهَذَا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ إيجَابَ لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ أَوْ سَامِعٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ بَعِيدٌ فَيُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَوْ وَالْحَاكِمِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ الصُّوَرِ) مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِنْهَاءِ لِمَرَضٍ مَثَلًا أَوْ أَنْهَى وَأَمْكَنَهُ فِي الطَّرِيقِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَجَعَلَ ذَلِكَ صُوَرًا إمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا انْدَرَجَ مِنْ تَحْتِ الْعَجْزِ عَنْ الْإِنْهَاءِ مِنْ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِأَنْ رَأَى الْعَدْلَ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ لَوْ وَقَفَ وَأَشْهَدَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلشُّهُودِ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ وَهُمْ فِيهِ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِمْ، لَكِنَّ مَسَافَةَ مَحَلِّهِمْ دُونَ مَسَافَةِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ لَمْ يُكَلَّفْ التَّعْرِيجَ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَدَّ بِتَرْكِهِ مُقَصِّرًا حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيَ الشَّاهِدَ أَوْ مَرَّ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِطَلَبِ الشُّهُودِ عَنْ الْإِنْهَاءِ إلَى مَنْ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ يَصِيرُ بِهِ مُتَعَدِّيًا) أَيْ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَ لِرُكُوبِهَا لِكَوْنِهَا جَمُوحًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَكِبَ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَقَدْ يُقَالُ عُذْرُهُ يُسْقِطُ الْحُرْمَةَ دُونَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَسْتَمِرَّ (قَوْلُهُ: لِفَصْلِ الْأَمْرِ) أَيْ لَا لِلْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ، أَيْ حَيْثُ لَمْ يَلْقَ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ) هُوَ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ كَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمَبِيعَ) عِلَّةٌ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ) أَيْ وَالْمَعْنَى وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حَتَّى يُنْهِيَهُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ سَيْرِهِ مَثَلًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُشْهِدُهُ يَأْبَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الْإِشْهَادِ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشِّهَابُ حَجّ وَاَلَّذِي مَا فِي هَذِهِ السَّوَادَةِ كَلَامُهُ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ إذْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَتْنَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهَذَا التَّقْرِيرِ وَأَنَّ ظَاهِرَهُ فَاسِدٌ؛ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عُلِمَ صِحَّةُ كَلَامِهِ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ فَقْدِهِ) يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِنْهَاءِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُ حَالَةَ فَقْدِ الْعُذْرِ الْعُدُولَ عَنْ الْإِنْهَاءِ وَالذَّهَابَ ابْتِدَاءً إلَى الشُّهُودِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ لَوْ صَادَفَهُ شَاهِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute