كَانَ مِمَّنْ يَعْذِرُهُ فِي مِثْلِهِ لِجَهْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ فِي حَقِّهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ فِي الطَّرِيقِ مُطْلَقًا حَتَّى بِوَطْءِ الثَّيِّبِ مَرْدُودٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَلْبِ الْآتِي ظَاهِرٌ، وَخَرَجَ بِالسَّرْجِ وَالْإِكَافِ الْعِذَارُ وَاللِّجَامُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا لِتَوَقُّفِ حِفْظِهَا عَلَيْهِمَا (وَيَعْذِرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ) لِلرَّدِّ (يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبٍ فَرَكِبَهَا لِلْهَرَبِ بِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ رَدِّهَا، بِخِلَافِ رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ وَهُوَ لَابِسُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْهُودٍ كَذَا ذَكَرَاهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اسْتِدَامَةَ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي طَرِيقِهِ لِلرَّدِّ لَا تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ، وَاسْتِدَامَةَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَعَيُّبِهَا، وَكَلَامُهُمَا فِيهِمَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ أَوْ النَّزْعِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيهِمَا عِنْدَ مَشَقَّتِهِ لَيْسَ مُرَادًا لَهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ مَا لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ غَيْرِ الْجَمُوحِ إلَّا بِرُكُوبِهَا لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ، وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا الْحَادِثِ حَالَ سَيْرِهَا، فَإِنْ أَوْقَفَهَا لَهُ أَوْ لِإِنْعَالِهَا وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فِي عَدَمِ سُقُوطِ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُعْذَرُ فِي مِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَامِّيًّا لَمْ يُخَالِطْ الْفُقَهَاءَ مُخَالَطَةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ فِي مِثْلِهَا بِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْحَلْبَ تَفْرِيغٌ لِلدَّابَّةِ مِنْ اللَّبَنِ الْمَمْلُوكِ لِلْمُشْتَرِيَّ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا بِبَقَاءِ الْعَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَثِّرُ تَرْكُهُمَا) أَيْ وَلَا وَضْعُهُمَا فِي الدَّابَّةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِفْظُهُمَا (قَوْلُهُ: لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ) وَهَلْ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ أَقْرَبِ الطَّرِيقَيْنِ حَيْثُ لَا عُذْرَ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَلَعَلَّ اللُّزُومَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُ بِسُلُوكِ الْأَطْوَلِ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ يُعَدُّ عَابِثًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي الْقَصْرِ اهـ حَجّ.
وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ الْخِيَارِ بِمُجَرَّدِ الْعُدُولِ لَا بِالِانْتِهَاءِ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ سَلَكَ الطَّوِيلَ لِمُطَالَبَةِ غَرِيمٍ لَهُ فِيهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ رَدِّهَا) هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْفَسْخِ، فَلَوْ عَرَضَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يَقْتَضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الرَّدُّ بِالِاسْتِعْمَالِ بَعْدَ الْفَسْخِ مُطْلَقًا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ إلَخْ) هُوَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ بِخِلَافِ رُكُوبِ إلَخْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي رُكُوبِ غَيْرِ الْجَمُوحِ وَاسْتِدَامَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلِمَ عَيْبَ الثَّوْبِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ نَزْعُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ مَشَقَّةٌ وَلَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَّى إلَيْهِ سَقَطَ رَدُّهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا فِيهِمَا) أَيْ الثَّوْبُ وَالدَّابَّةُ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ) صَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ نَزْعَ الثَّوْبِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهَا بَيْنَ مَشَقَّةِ النُّزُولِ عَنْهَا وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْهُ فِي حَوَاشِي حَجّ وَحَوَاشِي الْمَنْهَجِ، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْمَنْهَجِ الْمُعْتَمَدِ فِي كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ وَنَزْعِ الثَّوْبِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ، وَإِلَّا سَقَطَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَغَيْرِهِمْ مَرَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِمَا قَالَاهُ) وَيَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي فِي ادِّعَاءِ عُذْرٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الرَّدِّ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَشْيِ) وَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ الْبَرْذَعَةَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَتَأَتَّ رُكُوبُهُ بِدُونِهَا لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَلْبُ لَبَنِهَا) عِبَارَةُ حَجّ: وَلَهُ حَلْبُ نَحْوِ لَبَنِهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: قِيَاسُهُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي جَزِّ الصُّوفِ الْحَادِثِ بَلْ يَشْمَلُهُ لَفْظُ نَحْوِ لَكِنْ وَقَعَ فِي الدَّرْسِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ يَضُرُّ الْجَزُّ مُطْلَقًا وَلَوْ حَالَ السَّيْرِ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ، وَانْظُرْ حَيْثُ جَوَّزْنَا لَهُ اسْتِعْمَالَ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَلْ شَرَطَهُ عَدَمَ الْفَسْخِ وَإِلَّا حَرُمَ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ يُبَاحُ مُطْلَقًا لِلْعُذْرِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ الْعُذْرُ يُبِيحُ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْأُجْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ فَلْتُحَرَّرْ الْمَسْأَلَةُ قَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي.
وَالْمَعْنَى يَرُدُّهُ ثُمَّ يُفَصِّلُهُ: أَيْ الصَّبْغَ نَظِيرُ مَا فِي الصُّوفِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِ وَاللَّبَنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْقَفَهَا) الْأَفْصَحُ حَذْفُ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَهِيَ تَمْشِي بِدُونِهِ) أَيْ الْإِنْعَالِ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute