للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا فِيمَا يَظْهَرُ لِوُقُوفِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ بِالْأَوَّلِ فَكَانَ الثَّانِي عَيْبًا حَادِثًا، وَلَوْ بَانَ عَيْبُ الدَّابَّةِ وَقَدْ أَنْعَلَهَا وَكَانَ نَزْعُ النَّعْلِ يَعِيبُهَا فَنَزَعَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ لِقَطْعِهِ الْخِيَارَ بِتَعَيُّبِهِ بِالِاخْتِيَارِ وَإِنْ سَلَّمَهَا بِنَعْلِهَا أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِ النَّعْلِ، إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ قِيمَتِهَا فَإِنَّهَا حَقِيرَةٌ فِي مَعْرِضِ رَدِّ الدَّابَّةِ، فَلَوْ سَقَطَتْ اسْتَرَدَّهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَرْكَهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ وَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهَا لَمْ يُجْبَرْ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِهَا لَهُ، بِخِلَافِ الصُّوفِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ بِخِلَافِ النَّعْلِ فَيَنْزِعُهَا، وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِنْعَالَ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ ضَارٌّ لِأَنَّ ذَاكَ اشْتِغَالٌ يُشْبِهُ الْحَمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَهُنَا تَفْرِيغٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ مَانِعٌ لَهُ مِنْ الرَّدِّ بَلْ يَرُدُّهُ ثُمَّ يَجُزُّ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَزْعِ النَّعْلِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَاضِحٌ.

[فَرْعٌ] إذَا (اشْتَرَى) مِنْ وَاحِدٍ عَبْدَيْنِ أَيْ عَيْنَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى (مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً) وَاحِدَةً جَاهِلًا بِالْحَالِ (رَدَّهُمَا) إنْ أَرَادَ لَا أَحَدُهُمَا قَهْرًا لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْبَائِعُ وَيُطْلَبُ النَّاكِلُ بِالثَّمَنِ، أَمَّا لَوْ كَانَتَا مَبِيعَتَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فِي الْمَذِرَةِ وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي مِقْدَارِ ثَمَنِ التَّالِفَةِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالظَّاهِرُ فِيهَا مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ لَوْ اجْتَهَدَ وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ النُّحَاسَ مِنْ زَيْدٍ فَأَنْكَرَ أَنَّ النُّحَاسَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَرْضُهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ صَارَ يَظُنُّ أَنَّ الْآخَرَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ صَاحِبُهُ وَيَعْتَرِفَ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ وَيُحَصِّلُ بِثَمَنِهِ بَعْضَ حَقِّهِ.

[فَرْعٌ] لَوْ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَوَجَدَ لُبَّهَا أَنْبَتَ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَقِبَ قَطْعِهِ مِنْ شَجَرَةٍ كَانَ عَيْبًا لَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خَزِينِهِ مُدَّةً يَغْلِبُ إنْبَاتُهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَلَا رَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ عَيْبِهَا بِدُونِ الْكَسْرِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِجَزِّ الصُّوفِ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَتَضَرَّرَ الشَّاةُ بِجَزِّهِ كَكَوْنِ الزَّمَنِ شِتَاءً مَثَلًا أَوْ لَا، وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ الثَّمَنَ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ فَأُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ تَبَعًا لَهُ وَلَمْ يُنْظَرْ لِلْمِنَّةِ فِي الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّخَلُّصِ مِنْهُ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِي يَرُدُّ الشَّاةَ ثُمَّ يَفْصِلُ صُوفَهَا تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ نَزْعَ الصُّوفِ لَا يَضُرُّ بِالشَّاةِ فَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَجُزُّ) بَابُهُ رَدٌّ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَاضِحٌ) وَلَعَلَّهُ قِصَرُ الزَّمَنِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرْعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ إلَخْ) أَيْ لَمْ تَتَوَقَّفْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا الْكَامِلَةُ عَلَى الْأُخْرَى عَادَةً (قَوْلُهُ: إحْدَاهُمَا) أَيْ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ فَسَّرَ بِهِمَا الْمُرَادَ بِالْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ رَدَّهُمَا) أَيْ جَازَ لَهُ الرَّدُّ إنْ إلَخْ، فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ أَحَدِهِمَا فَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الْآخَرِ رَدَّهُمَا إنْ شَاءَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاحِدًا وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى آخَرَ جَازَ لَهُ الرَّدُّ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رِضَاهُ بِالْأَوَّلِ.

وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي أَوَّلِ التَّصْرِيَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِالتَّصْرِيَةِ وَلَكِنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ آخَرَ بَعْدَ الْحَلْبِ رَدَّ الصَّاعِ أَيْضًا اهـ.

وَكَذَا قَوْلُ الرَّوْضِ مَتَى رَضِيَ: أَيْ الْمُشْتَرِي بِالْمُصَرَّاةِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا: أَيْ قَدِيمًا رَدَّهَا وَبَدَلَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَرْعٌ] . (قَوْلُهُ: أَيْ عَيْنَيْنِ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ عَقِبَ قَوْلِهِ عَبْدَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَّصِلْ مَنْفَعَةُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَسَيَأْتِي مَفْهُومُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>