للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ، وَإِذَا حَلَّفْنَا الْبَائِعَ نُحَلِّفُهُ (عَلَى حَسَبِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مِثْلِ (جَوَابُهُ) لَفْظًا وَمَعْنًى، فَإِنْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ أَوْ بِلَا رَدٍّ لَهُ عَلَيَّ بِهِ حَلَفَ كَذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِحُدُوثِهِ لِاحْتِمَالِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ أَوْ رِضَاهُ بَعْدَهُ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَوْ مَا بِعْته أَوْ مَا أَقَبَضْته إلَّا سَلِيمًا حَلَفَ كَذَلِكَ وَلَا يَكْفِيهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ لِعَدَمِ مُطَابِقَتِهِ لِجَوَابِهِ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَجَابَ بِلَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى أَنَّهُ مَا أَقَبَضَهُ إلَّا سَلِيمًا لَا يُمْكِنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ إذَا اخْتَبَرَ خَفَايَا أَمْرِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَبِرْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْ شَهَادَةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ اهـ.

فَإِنْ فُقِدَا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَيَصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الرَّدِّ وَفِي جَهْلِهِ بِالْعَيْبِ إنْ أَمْكَنَ خَفَاءُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفِهِ أَوْ يَدِهِ صُدِّقَ الْبَائِعُ، وَفِي أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ مَا رَآهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَفِي أَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِعَيْبِهِ لِأَنَّهُ ظَنَّ الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ فَبَانَ خِلَافُهُ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَشَدَّ ضَرَرًا مِمَّا ظَنَّهُ فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مَائِعًا وَوَجَدَ فِيهِ نَحْوَ فَأْرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ حَدَثَ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ فِيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَبْضِ فَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ إلَخْ، وَفِيهِ ثُمَّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا نَصُّهُ: لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ أَيْضًا لِتَنَجُّسِهِ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مَعَهُ.

لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَائِعُ إذَا حَصَلَ فِي فَضَاءِ الظَّرْفِ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الْقَبْضِ جُزْءًا جُزْءًا قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ لِمَا ذَكَرَهَا الْإِمَامُ اهـ.

وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ حَجّ إذَا كَانَ الظَّرْفُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ كَأَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَأْتِيَ لَهُ بِالْمَبِيعِ فِيهِ لَمْ يَتَأَتَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ وَمَعَ ذَلِكَ الْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ صَدَقَ مُدَّعِي الصِّحَّةَ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْفَأْرَةَ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلظَّرْفِ لِمَا فِيهِ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّمَنُ قَرِيبًا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِثْلُ جَوَابِهِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْحَسَبِ بِالْفَتْحِ وَفِي الْمُخْتَارِ لِيَكُنْ عَمَلُك بِحَسَبِ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ أَيْ عَلَى قَدْرِهِ وَعَدَدِهِ اهـ.

وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَا يَعُدُّهُ مِنْ الْمَآثِرِ مَصْدَرُ حَسُبَ كَكَرُمَ كَرَمًا وَشَرُفَ شَرَفًا اهـ.

مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَهُ) أَيْ عِلْمَهُ أَوْ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِيهِ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ مَا عَلِمْت بِهِ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدِي وَهَلْ يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا بِذَلِكَ لَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلرَّدِّ فَلَهُ تَعْيِينُ جَوَابٍ صَحِيحٍ وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا سَقَطَ رَدُّهُ (قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَفْهَمُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ إمَّا رَدُّ الْمَبِيعِ أَوْ طَلَبُ الْأَرْشِ وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَهُوَ يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْيِيدِ بِمَا فِي عَيْبِ النِّكَاحِ قَدْ يُقَالُ لَا تَأْبِيدَ فِيهِ لِأَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْمَالُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَا) أَيْ فِي مَحَلِّ الْعَقْدِ فَمَا فَوْقَهُ إلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: صَدَقَ الْبَائِعُ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا رَدَّ، وَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بَاطِنًا إذَا كَانَ مُحِقًّا أَمْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ أَخْذُ الْأَرْشِ بَاطِنًا أَيْضًا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِمَا الْأَوَّلُ.

أَمَّا الْفَسْخُ فَلِوُجُودِ مُسَوِّغِهِ بَاطِنًا.

وَأَمَّا الْأَرْشُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ عَيْبٍ حَادِثٍ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ الْقَهْرِيِّ، وَيُحْتَمَلُ فِي الثَّانِيَةِ مَنْعُ أَخْذِ الْأَرْشِ لِأَنَّهُ حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ بَابِ الظَّفَرِ جُعِلَ كَالْقَادِرِ عَلَى الرَّدِّ وَهُوَ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأَرْشِ مَعَ الْبَائِعِ وَلَوْ بِالرِّضَا، بَلْ إنْ تَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى أَخْذِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>