للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا تَقَدَّمَ لِأَجْلِ مَحِلِّ الْخِلَافِ وَالتَّشْبِيهِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَدَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ أَحَدٌ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الْأُولَى أَيْضًا، ثُمَّ مَحِلُّ مَا ذَكَرَ فِي إتْلَافِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، وَقَدْ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ إذَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَبْضٌ

(وَالْمَذْهَبُ أَنَّ) (إتْلَافَ الْبَائِعِ) الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ (كَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِقِيمَةٍ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَالثَّمَنِ فَإِذَا أَتْلَفَهُ سَقَطَ الثَّمَنُ وَلَوْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ لَهَا أُجْرَةٌ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَعَدَّى بِحَبْسِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ وَكَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَقْبِضَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

قَالَ عَلَى مَنْهَجٍ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَارِثَ الْآخَرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُورَثِ وَيَدُهُ كَيَدِهِ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ تَزَلْ يَدُ الْمُورَثِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) أَيْ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا بِأَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ وَلِيُّهُ وَأَتْلَفَهُ هُوَ وَفِي تَسْمِيَتِهِ مُشْتَرِيًا تَجَوُّزٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِقَبْضٍ) بَلْ يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ) أَوْ غَيْرِهِ، فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُعَيَّنَ كَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْمُعَيَّنِ أَعُمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ) أَيْ بِأَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ قَبْضًا

(قَوْلُهُ: إنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُخْتَارِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَمُطَالَبَةُ الْمُكْرَهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَفْلًا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُتْلِفَ لِمَالِ الْغَيْرِ بِالْإِكْرَاهِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَنَسَبُوا الْفِعْلَ إلَيْهِ حَيْثُ ضَمَّنُوهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نِسْبَةَ الْإِتْلَافِ إلَيْهِ فَيَتَفَسَّخُ الْعَقْدُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَ مُبْدَلِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ أُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّ قَبْضَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ أَهْلًا وَفِعْلُ الْمُكْرَهِ كَلَا فِعْلٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَ إكْرَاهِ الْبَائِعِ حَيْثُ اُعْتُدَّ بِهِ وَقُلْنَا بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِإِتْلَافِهِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِيهِ وَعَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ قُلْنَا لَيْسَ قَبْضًا أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ نَاقِلًا لِلضَّمَانِ مُبِيحًا لِحِلِّ التَّصَرُّفِ فَأُلْحِقَ بِالْعَقْدِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهِ حَتَّى لَا يُعْتَدَّ بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ وَلَا مِنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ لِاعْتِدَادِهِمْ بِفِعْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ حَيْثُ جَعَلُوهُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ، بَقِيَ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي هَلْ وَقَعَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ لِمُوَافَقَتِهَا لِلْأَصْلِ وَهُوَ اسْتِمْرَارُ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَتَيْنِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْقَبْضَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَحْتَمِلُ عِنْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ السَّلَامَةِ إلَى التَّلَفِ وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ مُسْتَصْحِبَةٌ لِأَصْلِ السَّلَامَةِ إلَى مَا بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبْضِهِ) أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ كَأَنْ كَانَ لِلْبَائِعِ الْحَبْسُ وَمِنْ إتْلَافِهِ نَحْوُ بَيْعِهِ ثَانِيًا لِمَنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ اهـ حَجّ.

وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَبَيْنَ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْبَائِعِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الِانْفِسَاخِ أَنَّ زَوَالَ الْيَدِ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَبْعَدُ مِنْ زَوَالِ يَدِ الْغَاصِبِ عَادَةً فَإِنَّ غَالِبَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا رُجُوعُ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ تَوَقُّعَ زَوَالِ الْغَصْبِ عَنْهُ غَالِبٌ، وَبِأَنَّ وَضْعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَدَهُ عَلَى الْمَبِيعِ حَصَلَ بِتَسْلِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْغَالِبُ فِي الْغَصْبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّى إلَخْ عِلَّةٌ فِي أَصْلِ الْحُكْمِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْعِلَلِ كُلِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>