فَارَقَ قَبْضَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّرْعِ، وَاسْتَثْنَى السُّبْكِيُّ الْحَقِيرَ مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالْحَصِيرِ وَبَعْضِ الْمَاعُونِ فَلَا يَقْدَحُ فِي التَّحْلِيَةِ، وَلَوْ جُمِعَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ، فَإِنْ نُقِلَتْ مِنْهُ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْجَمِيعِ، أَمَّا أَمْتِعَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا تَضُرُّ، وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْبَاءِ فِي التَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْوَمَ إلَّا أَنْ يُفَسَّرَ الْقَبْضُ بِالْإِقْبَاضِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةَ فِعْلُ الْبَائِعِ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لَمَا صَحَّ الْحَمْلُ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُتَعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ) الَّذِي بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَمَانَةً كَانَ أَوْ ضَمَانًا عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا بِأَنْ غَابَ عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا عِنْدَهُ (اُعْتُبِرَ) فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ إذْنُ بَائِعَةِ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَ (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ) فِيهِ (الْمُضِيُّ إلَيْهِ) فِي الْعَادَةِ مَعَ تَفْرِيغِهِ مِمَّا مَرَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْحُضُورَ إنَّمَا اُغْتُفِرَ لِلْمَشَقَّةِ وَلَا مَشَقَّةَ فِي اعْتِبَارِ مُضِيِّ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ مَعَ عَدَمِ الْحُضُورِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا عَقَارٌ أَوْ مَنْقُولٌ غَائِبٌ بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنِ إمْكَانِ تَفْرِيغِهِ وَنَقْلِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَخْلِيَتِهِ وَنَقْلِهِ بِالْفِعْلِ حَيْثُ كَانَ مُشْتَغِلًا، وَأَمَّا مَبِيعٌ حَاضِرٌ مَنْقُولٌ أَوْ غَيْرُهُ وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّفْرِيغُ مِنْهُ حَالًا لَا يَمْنَعُ وُجُودُهُ مِنْ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَثُرَتْ الْأَمْتِعَةُ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ تَفْرِيغُهَا حَالًا مَنَعْت الْقَبْضَ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُ الْمَاعُونِ) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ، أَمَّا صَغِيرُ الْجُرْمِ كَبِيرُ الْقِيمَةِ كَجَوْهَرَةٍ فَيُمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ حِفْظًا لَهُ كَخِزَانَةٍ مَثَلًا كَمَا شَمِلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ شَرَحَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْقَبْضُ فِيمَا عَدَاهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أُغْلِقَ عَلَيْهَا بَابُ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْقَبْضِ فِيمَا عَدَا الْمَوْضِعِ الْحَاوِي لِلْأَمْتِعَةِ عُرْفًا (قَوْلُهُ: أَمَّا أَمْتِعَةُ الْمُشْتَرِي) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَكَذَا أَمْتِعَةُ غَيْرِ الْمُشْتَرِي إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مِنْ وَقَعَ لَهُ الشِّرَاءُ، فَبَقَاءُ أَمْتِعَةِ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ مَنْ وَقَعَ لَهُ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) مِنْ قَوْلِهِ أَيْ إقْبَاضٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ) هُوَ قَوْلُهُ أَيْ إقْبَاضُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُتَعَاقِدَانِ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ كَتَبَ أَحَدُهُمَا بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ لِغَائِبٍ عِنْدَ الْمَبِيعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ غَابَا مَعًا أَوْ الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَ الْمَبِيعِ وَكَتَبَ لَهُ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ فَقَبِلَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِحُضُورِهِ عِنْدَهُ، وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ اعْتِبَارُ مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ حُضُورِ الْبَائِعِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ مَحِلِّ الْعَقْدِ) أَيْ مَجْلِسِهِ وَإِنْ كَانَ بِالْبَلَدِ (قَوْلُهُ: حُضُورُهُمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ عِنْدَهُ: أَيْ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ وَمَعَ نَقْلِ الْمَنْقُولِ أَيْضًا اهـ مَنْهَجٌ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ) وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَمَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ إمْكَانِ الْوُصُولِ فَيَصِحُّ، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ غَائِبٌ) قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْعَقَارِ
[حاشية الرشيدي]
أَيْ إقْبَاضُ ذَلِكَ، وَمَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِلَا خَبَرٍ. (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي) صَوَابُهُ فِي قَوْلِهِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَإِقْبَاضُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى: وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي صِحَّةِ حَمْلِ قَوْلِهِ تَخْلِيَتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ نُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ خُصُوصُ الْإِقْبَاضِ لَيْسَ شَرْطًا إلَّا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ، فَالتَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ لِصِحَّةِ الْحَمْلِ لَيْسَ غَيْرُ (قَوْلُهُ: إذْنُ بَائِعِهِ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحَاضِرُ وَالْغَائِبُ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ) يَجِبُ حَذْفُ هَذِهِ الثَّلَاثِ كَلِمَاتٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا عَقَارٌ إلَخْ، وَقِرَاءَةُ أَمَّا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ إذْ هُمَا مَفْهُومَانِ لِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا) لَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute