بِعْتُكهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ) بِعْتُكهَا بِكَذَا (عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ) وَمَا نَظَّرَ بِهِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ الْكَيْلَ فِيهِ وَصْفًا كَالْكِتَابَةِ فِي الْعَبْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ قَبْضُهُ عَلَيْهِ رُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ وَصْفًا لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ التَّقْدِيرِ فِي قَبْضِهِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ سُمِّيَ مُقَدَّرًا بِخِلَافِ كِتَابَةِ الْعَبْدِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِبِكْرٍ (طَعَامٌ) مَثَلًا (مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعٍ (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ) بِكْرٌ (لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ: أَيْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَكِيلَ لَهُ حَتَّى يَدْخُلَ فِي مِلْكِهِ (ثُمَّ يَكِيلُ لِعَمْرٍو) لِتَعَدُّدِ الْإِقْبَاضِ هُنَا، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُهُ لِأَنَّ الْكَيْلَيْنِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِي فِيهِ الصَّاعَانِ: يَعْنِي صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَالَ لِنَفْسِهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ كَالَهُ لِغَرِيمِهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا لَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَرُدُّ بِكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ.
نَعَمْ الِاسْتِدَامَةُ فِي نَحْوِ الْمِكْيَالِ كَالتَّجْدِيدِ فَتَكْفِي (فَلَوْ) (قَالَ) بِكْرٌ لِعَمْرٍو (اقْبِضْ) يَا عَمْرُو مِنْ زَيْدٍ (مَا لِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك عَنِّي) أَوْ اُحْضُرْ مَعِي لِأَقْبِضَهُ أَنَا لَك (فَفَعَلَ) (فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) بِالنِّسْبَةِ لِعَمْرٍو لِكَوْنِهِ مَشْرُوطًا بِتَقَدُّمِ قَبْضِ بِكْرٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَا يُمْكِنُ حُصُولُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ فَيَضْمَنُهُ عَمْرٌو لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِدَافِعِهِ وَصَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِزَيْدٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ لِإِذْنِ دَائِنِهِ بِكْرٍ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ لَهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ، إذْ قَبْضُ عَمْرٍو لِنَفْسِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قَبْضِ بِكْرٍ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِذَا بَطَلَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ بَقِيَ لَازِمُهُ وَهُوَ الْقَبْضُ لِبِكْرٍ فَحِينَئِذٍ يَكِيلُهُ لِعَمْرِو وَيَصِحُّ قَبْضُهُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَنْ يَدُهُ كَيَدِ الْمُقْبِضِ فِي الْقَبْضِ كَرَقِيقِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَمُكَاتَبِهِ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ لِي مِنْك أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكِّلْ مَنْ يَشْتَرِي لِي مِنْك صَحَّ وَيَكُونُ وَكِيلًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ، وَلَوْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا فِي الْإِقْبَاضِ وَوَكَّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ تَوْكِيلُهُ لَهُمَا مَعًا لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لِي مِثْلَ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيَّ وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، وَلِلْأَبِ وَإِنْ عَلَا تَوَلِّي طَرْفَيْ الْقَبْضِ كَمَا يَتَوَلَّى طَرْفَيْ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
[فَرْعٌ] زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ أَيْضًا إذَا (قَالَ الْبَائِعُ) عَنْ نَفْسِهِ لِمُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ فِي الذِّمَّةِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ مِثْلَهُ) أَيْ لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) عَلَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: وَغَرَّهُ يَغُرُّهُ بِالضَّمِّ غُرُورًا خَدَعَهُ (قَوْلُهُ: بِتَعَدُّدِ الْإِقْبَاضِ) أَيْ بِتَعَدُّدِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ) أَيْ لِلْقَابِضِ أَوَّلًا، وَيُتَأَمَّلُ وَجْهُ كَوْنِ الزِّيَادَةِ لَهُ وَالنَّقْصِ عَلَيْهِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الْقَبْضَيْنِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ مَا قَبَضَهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ أَنَّ قَبْضَهُ الْأَوَّلَ لَمَّا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ حُكِمَ بِمِلْكِ الْمَقْبُوضِ جَمِيعَهُ لَهُ وَمِنْهُ الزَّائِدُ وَيَمْلِكُ النَّاقِصَ نَاقِصًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِنَقْصِهِ، وَلَمَّا أَرَادَ دَفْعَهُ لِلثَّانِي عَمِلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْكَيْلُ كَمَا لَوْ أَرَادَ دَفْعَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَقْبُوضِ (قَوْلُهُ نَعَمْ الِاسْتِدَامَةُ إلَخْ) وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مِلْءَ ذَا الْكَيْلِ بُرًّا بِكَذَا وَمُلِئَ وَاسْتَمَرَّ جَازَ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُهُ مَلْآنًا وَلَا يُحْتَاجُ إلَى كَيْلٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ: لِنَفْسِك عَنْهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ مَالِي عَلَيْهِ عَلَى نَحْوِ خُذْ مِنْهُ مِثْلَ مَالِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك قَرْضًا مَثَلًا وَأَنَا أُمْهِلُك بِمَالِي عَلَيْك، وَلَمْ يَذْكُرْ حَجّ قَوْلَهُ عَنِّي وَقَضِيَّتُهُ صِحَّةُ الْقَبْضِ لِزَيْدٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ) أَيْ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ إلَّا بِإِذْنِ بِكْرٍ لِأَنَّ قَبْضَهُ لَهُ وَقَعَ صَحِيحًا وَبَرِئَتْ بِهِ ذِمَّةُ عَمْرٍو فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ
(قَوْلُهُ: لِمُعَيَّنٍ) أَيْ لِمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ الْبَائِعُ) أَيْ وُجُوبًا اهـ سم
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَيُقَاسُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا مِمَّا شَمَلَهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ، وَانْظُرْ مَا الصُّورَةُ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute