وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْعَقْدِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: وَلَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَقْدِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي بَيْعِ هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَقَرَّهُ وَعَلَيْهِ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا كِنَايَةٌ، وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ إلَيْهِ (وَقِيلَ لَا) يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ وَثَمَنِهِ
(وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ) مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] نَعَمْ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَوْلَى مِنْهُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنَا عُمَرَ وَعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّهُ رِبًا وَتَبِعَهُمَا بَعْضُ التَّابِعِينَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ (بِأَنْ) هِيَ بِمَعْنَى كَأَنْ، وَكَثِيرًا مَا يَسْتَعْمِلُهَا الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَاهَا (يَشْتَرِيهِ بِمِائَةٍ) مَثَلًا (ثُمَّ يَقُولُ) لِعَالِمٍ بِذَلِكَ (بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت) أَيْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهَا وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُمَا بِذَلِكَ وَلِمُبَادَرَةِ فَهْمِ الْمِثْلِ فِي نَحْوِ هَذَا لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَوْزُونَةٍ أَوْ حِنْطَةً فَمِثْلًا غَيْرَ مَكِيلَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ (وَرِبْحُ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ) أَوْ فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا (أَوْ رِبْح ده) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ عَشَرَةٌ (ياز) وَاحِدُ (ده) بِمَعْنَى مَا قَبْلَهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ عَكْسُهُ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لِاثْنَيْنِ أَشْرَكْتُكُمَا فِيهِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ أَثْلَاثًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ حِصَصُهُمْ كَأَنْ كَانَ لِوَاحِدٍ النِّصْفُ وَالْآخَرَ الثُّلُثُ وَالْآخَرَ السُّدُسُ، ثُمَّ قَالُوا لِلرَّابِعِ أَشْرَكْنَاك مَعَنَا فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ وَلِلثَّلَاثَةِ النِّصْفُ وَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بَاعَهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ هُنَا كَوْنُهُ كَأَحَدِ الثَّلَاثَةِ لِاخْتِلَافِ أَنْصِبَائِهِمْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ إذَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ) مُرَادُهُ بِمَا فِي التَّوْلِيَةِ مَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَّيْتُك إلَخْ مِنْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك: يَعْنِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَقْدِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ حَجّ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ) هِيَ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ بِمَا شِئْت (قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ قِيلَ بِحُرْمَةِ الْمُرَابَحَةِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَالْبَيْعُ مُسَاوَمَةً أَوْلَى مِنْ الْمُرَابَحَةِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا أَوْ أَبْطَلَهَا مِنْ السَّلَفِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ انْتَهَى، وَكَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ رِبًا، وَلَعَلَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ شِدَّةُ ضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ وَلَيْسَ الْقَوْلُ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا مُقْتَضِيًا الْكَرَاهَةَ بَلْ يُشْتَرَطُ قُوَّةُ الْقَوْلِ بِهَا (قَوْلُهُ: إنَّهُ رِبًا) أَيْ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) رَاجِعٌ لِمِائَةٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ لِذِكْرِ الْمِثْلِ) وَلَا نِيَّتُهُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهَا قَدْرُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَزَّعَ الرِّبْحَ عَلَى الثَّمَنِ، كَذَا عَلَّلَ بِهِ حَجّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ قَدْرُ الرِّبْحِ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت وَرِبْحِ عَشَرَةٍ صَحَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِالْمُعَايَنَةِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْمُرَابَحَةِ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْمُحَاطَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ بِتَقْدِيرِ مُعَايَنَتِهِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُوَلِّي لِبَائِعِهِ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ حَتَّى يَقْبَلَ بِهِ.
وَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْمُوَلِّيَ اشْتَرَى بِجُزَافٍ فَرَآهُ وَاشْتَرَى بِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِلْمُهُ بِقَدْرِهِ حَتَّى يُولَى بِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّ الْمُعَايِنَ لَهُمَا بِقَبْضِهِ الْبَائِعُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ وَقَدْ عَلِمَهُ تَخْمِينًا بِالرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَا تَكْفِي إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَا قَبْلَهَا) أَيْ عَشَرَةٌ.
لَا يُقَالُ: قَضِيَّةُ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ رِبْحَ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ.
لِأَنَّا نَقُولُ:
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ) لَعَلَّ مُرَادَهُ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَإِلَّا فَفِي كَوْنِ هَذَا قَضِيَّةَ كَلَامِهِ هُنَا مَنْعٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ صَوَّرَ التَّوْلِيَةَ فِيمَا مَرَّ بِمَا إذَا ذَكَرَ الْعَقْدَ حَيْثُ قَالَ وَلَّيْتُكَ الْعَقْدَ، ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَالْإِشْرَاكُ فِي بَعْضِهِ كَالتَّوْلِيَةِ فِي كُلِّهِ، فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعَقْدِ فِي الْإِشْرَاكِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا فِي التَّوْلِيَةِ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ إلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ