للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا مُرَابَحَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَعَذُّرِ قَبُولِ الْعَقْدِ زِيَادَةً بِخِلَافِ النَّقْصِ بِدَلِيلِ الْأَرْشِ (قُلْت: الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) كَمَا لَوْ غَلِطَ بِالزِّيَادَةِ، وَمَا عُلِّلَ بِهِ الْأَوَّلُ مَرْدُودٌ بِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ لَكِنْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا مَا وَقَعَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِهِ دُونَ الثَّانِي حَتَّى يَثْبُتَ النَّقْصُ، لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَمَّا ثَبَتَ كَذِبُهُ أَلْغَى قَوْلَهُ فِي الْعَقْدِ مِائَةً وَإِنْ عُذِرَ وَرَجَعَ إلَى التِّسْعِينَ، وَهُنَا لَمَّا قَوِيَ جَانِبُهُ بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لَهُ جَبَرْنَاهُ بِالْخِيَارِ وَالْمُشْتَرِي بِإِسْقَاطِ الزِّيَادَةِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ) الْمُشْتَرِي (وَلَمْ يُبَيِّنْ) الْبَائِعُ (لِغَلَطِهِ) الَّذِي ادَّعَاهُ (وَجْهًا مُحْتَمَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ حَقِّ آدَمِيٍّ (وَلَا بَيِّنَتُهُ) إنْ أَقَامَهَا عَلَى الْغَلَطِ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لَهُ ثُمَّ وَرِثَهَا حَيْثُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ حَالَ بَيْعِهَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، كَمَا لَوْ شَهِدْت حِسْبَةً أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْبَائِعِ وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ وَتُصْرَفُ لَهُ الْغَلَّةُ إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَصَدَّقَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْعُذْرَ ثُمَّ أَوْضَحَ فَإِنَّ الْوَقْفَ وَالْمَوْتَ النَّاقِلَ لَهُ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ، فَإِذَا عَارَضَا قَوْلَهُ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْبَيْعِ بِالْمِلْكِ فَلِذَا سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ، وَأَمَّا هُنَا فَالتَّنَاقُضُ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْبَةِ لِقَبُولِ بَيِّنَتِهِ بَلْ لِلتَّحْلِيفِ كَمَا قَالَ (وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ إنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَفَ فَذَاكَ وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَفَسْخِهِ.

قَالَ الشَّيْخَانِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِنَا إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ: أَيْ فَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ إنَّهُ الْحَقُّ.

قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْكَثِيرُ لِحُكْمِ الرَّدِّ، وَقَدْ طَالَعْت زُهَاءَ ثَلَاثِينَ مُصَنَّفًا مَا بَيْنَ قَصِيرٍ وَطَوِيلٍ فَلَمْ أَجِدْ التَّخْيِيرَ إلَّا فِي الشَّامِلِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْآتِي فِي الدَّعَاوَى، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِثُبُوتِ الزِّيَادَةِ.

أَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ كَمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعَوْا هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَتَّى ثَبَتَ النَّقْصُ) أَيْ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَيْ فَيُزَادُ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: جَبَرْنَاهُ) أَيْ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَيْضًا فَالزِّيَادَةُ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ النَّقْصِ السَّالِفِ فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ فِي ضِمْنِ رِضَاهُ بِالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مِلْكُهُ) أَيْ فَإِنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَمَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا لِتَصْرِيحِهِ فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ كُنْت نَسِيت أَوْ اشْتَبَهَ الْمَبِيعُ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَوَالَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا فَإِنْ ذَكَرَهُ كَأَنْ قَالَ كُنْت عَتَقْته وَنَسِيت أَوْ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِغَيْرِهِ فَيَنْبَغِي سَمَاعُهَا قَطْعًا اهـ (قَوْلُهُ فَالتَّنَاقُضُ نَشَأَ إلَخْ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: قَوْلُهُ فَالتَّنَاقُضُ إلَخْ قَدْ يُقَالُ وَالتَّنَاقُضُ هُنَا نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ دَعْوَاهُ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ كَانَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُنَاقِضٌ لِبَيْعِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ وَالْمَوْتُ لَيْسَا مِنْ فِعْلِهِ وَقَدْ يَخْفَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ تَنَاقُضًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ) لِلْأرْدَبِيلِيِّ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَقَدْ طَالَعْت) مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ زُهَاءَ) أَيْ قَدْرُ (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ) أَيْ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَبَاعَ مُرَابَحَةً، فَلَعَلَّ لَفْظَ وَبَاعَ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ مُرَابَحَةً. (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَصَحُّ صِحَّتُهُ) أَيْ: بِالْمِائَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَاعُوا هُنَا) يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَلَطِ بِالزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ شَهِدَتْ حِسْبَةً) أَيْ وَإِنْ صَرَّحَ حَالَ بَيْعِهَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالُوهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>