وَلَوْ قَالَ بِمَا فِيهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَطْعًا حَتَّى فِي نَحْوِ الرَّهْنِ أَوْ دُونِ حُقُوقِهَا أَوْ مَا فِيهَا لَمْ يَدْخُلْ قَطْعًا.
أَمَّا الشَّجَرُ الْيَابِسُ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يُتَنَاوَلُ غُصْنُهُ الْيَابِسُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْغُصْنُ الرَّطْبُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يُشْكِلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أَثْبَتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثْبَتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا، بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ، وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْمَقْلُوعَةُ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ أَمْتِعَةَ الدَّارِ. نَعَمْ إنْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، فَإِنْ شَرَطَهُ كَأَنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا دَخَلَ، وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِ، أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِغِرَاسٍ أَوْ زَرْعٍ حَيْثُ يَدْخُلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ.
قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السَّوَاقِي الَّتِي تَشْرَبُ مِنْهَا وَأَنْهَارُهَا وَعَيْنُ مَاءٍ فِيهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ سَائِغٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَهُ شَرْطٌ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ كَافٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ، فَسَقَطَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ قَالَ بِعْتُك أَوْ نَحْوُهُ لِيَتَأَتَّى قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الرَّهْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهَا) أَيْ حَتَّى الْأَشْجَارِ الْمَقْلُوعَةِ وَالْيَابِسَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَتَرَدَّدَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: دَخَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَطْعًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ أَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: أَمَّا الشَّجَرُ) مُحْتَرِزٌ قَوْلُهُ: رَطْبٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَدْخُلُ) هَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِمَا فِيهَا أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الدُّخُولُ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى أَمْتِعَةِ الدَّارِ، وَهِيَ لَوْ قَالَ فِيهَا ذَلِكَ بَعْدَ رُؤْيَتِهَا دَخَلَتْ (قَوْلُهُ: فِي اسْمِ الْأَرْضِ) أَيْ فِي اسْمِ الْأَرْضِ بِالتَّبَعِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الشَّجَرِ الْيَابِسِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ) أَيْ الْمَقْلُوعَةَ وَالْيَابِسَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عُرِّشَ) هَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتِيدَ عَدَمُ قَلْعِهِمْ لِلْيَابِسَةِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا بِرَبْطِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ فِيهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْإِلْحَاقُ مُحْتَمِلٌ تَنْزِيلًا لِاعْتِيَادِ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ التَّعْرِيشِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً) أَيْ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ تَهْيِئَتُهَا لَهُ (قَوْلُهُ: مَسِيلُ الْمَاءِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مِثْلَ رَغِيفٍ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَسِيلُ مَجْرَى السَّيْلِ، وَالْجَمْعُ مَسَايِلُ وَمُسُلٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَرُبَّمَا قِيلَ مُسْلَانٌ مِثْلُ رَغِيفٌ وَرُغْفَانٌ (قَوْلُهُ: وَشِرْبُهَا) بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ نَصِيبُهَا (قَوْلُهُ: وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ) قَضِيَّةُ كَلَامٍ سم عَلَى حَجّ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْبَائِعُ مِنْ السَّقْيِ مِنْ الْمَاءِ الْمُبَاحِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِلَا شَرْطٍ، وَقَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْمَمْلُوكَيْنِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَدْخُلُ ذَلِكَ) أَيْ الشِّرْبُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ شَرَطَ دُخُولَهُ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَعَيْنُ مَاءٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ الْمَذْكُورَاتُ فِي الْأَرْضِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ: " فِيهَا " حَالًا مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ
[حاشية الرشيدي]
دُخُولِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِيهِ. وَالثَّانِي: دُخُولُهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَاقِعُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ؛ وَمَنْشَؤُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَصَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى الدُّخُولِ وَفِي الرَّهْنِ عَلَى عَدَمِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَ النَّصَّيْنِ وَفَرَّقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الْقُوَّةِ فِي الْبَيْعِ وَالضَّعْفِ فِي الرَّهْنِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ قَوْلَيْنِ بِالنَّصِّ وَالتَّخْرِيجِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِمَا: أَيْ مُضَعِّفًا لِنَصِّ الْبَيْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ فِي الْبَيْعِ بِالدُّخُولِ وَأَجْرَى فِي الرَّهْنِ قَوْلَيْنِ وَمَا فِي الشَّارِحِ يُوَافِقُ هَذَا الْأَخِيرَ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِيهَا) تَنَازَعَهُ قَوْلُهُ: السَّوَاقِي وَمَا بَعْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute