وَالْجَعَالَةِ مَعَ جَوَازِهِمَا مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَأَمَّا مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ التَّحَالُفِ كَابْنِ الْمُقْرِي فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ مِنْ إمْكَانِ الْفَسْخِ فِي زَمَنِهِ رَدَّ بِأَنَّ التَّحَالُفَ لَمْ يُوضَعْ لِلْفَسْخِ بَلْ عُرِضَتْ الْيَمِينُ رَجَاءَ أَنْ يَتَّكِلَ الْكَاذِبُ فَيَتَقَرَّرُ الْعَقْدُ بِيَمِينِ الصَّادِقِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ اتَّفَقَا إلَى آخِرِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْعَقْدِ هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ فَلَا تَحَالُفَ كَمَا يَأْتِي، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الصِّحَّةِ وُجُودُهَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ مَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُؤَرَّخَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْأُولَى.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ مَعَ الْإِقَالَةِ أَوْ التَّلَفِ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ مُدَّعِي النَّقْصِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلِهَذَا زَادَ بَعْضُهُمْ فِيمَا مَرَّ قَيْدًا وَهُوَ بَقَاءُ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ التَّنَازُعِ احْتِرَازًا عَمَّا ذَكَرَ وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ اخْتِلَافُهُمَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَبِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ الْجَارِيَةُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا تَحَالُفَ جَزْمًا إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى بَيْعٍ صَحِيحٍ وَاخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا فَسْخَ؛ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَاتَّفَقَا عَلَى صِفَتِهِ وَقَدْرِهِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي أَحَدِهِمَا تَحَالَفَا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا تَرْجِيحُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ مِنْ عَدَمِ التَّحَالُفِ، بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ.
فَإِنْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَبِيعَ هَذَا الْعَبْدُ، وَالْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ الْأَمَةُ فَلَا تَعَارُضَ إذْ كُلٌّ أَثْبَتَ عَقْدًا وَهُوَ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا تَعَارُضَ، وَحِينَئِذٍ فَتُسَلَّمُ الْأَمَةُ لِلْمُشْتَرِي وَيَقِرُّ الْعَبْدُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ ظَاهِرًا بِمَا شَاءَ لِلضَّرُورَةِ.
نَعَمْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَّا بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ أَمَةً لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ دَرَاهِمَ أَوْ قَالَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَقَالَ بَلْ مِائَةً (قَوْلُهُ: وَالْجَعَالَةِ) وَجُعِلَا مِنْ الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِمَا لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَإِنَّمَا عَمِلَ طَامِعًا فِي الرِّبْحِ وَالْجَعْلِ (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ التَّحَالُفِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ) أَيْ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ ثَبَتَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِعَدَمِ السَّقْيِ الْوَاجِبِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ التَّلَفُ بَعْدَ الْقَبْضِ مُوجِبًا لِلِانْفِسَاخِ مَعَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَفُ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِهِ لِلثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ عَدَمِ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إذْ اتَّفَقَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ) أَيْ بَلْ يَرْتَفِعُ الْعَقْدَانِ بِحَلِفِهِمَا فَيَبْقَى الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ إنْ قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَبْقَى تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ إلَى رُجُوعِ الْمُشْتَرِي وَاعْتِرَافِهِ بِهِ وَيَتَصَرَّفُ الْبَائِعُ فِيهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ: وَالثَّمَنِ) وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَفَا فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ أَوْ فِي عَيْنِ الثَّمَنِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ عَدَمِ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ) أَيْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِيهَا الْبَيِّنَتَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا) تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ اتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُقِرُّ الْعَبْدُ بِيَدِهِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ لِعَدَمِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ لِلْجِهَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي ثَمَرَتُهَا الْحَلِفُ عَلَى الْإِثْبَاتِ. (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ
. (قَوْلُهُ: أَوْ التَّلَفُ الَّذِي يَنْفَسِخُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ أَوْ إتْلَافِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: كَبِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَقُولُ بَلْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ فَرْعُ ثُبُوتِ الْبَيْعِ، وَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ بَيْعِ الْجَارِيَةِ