للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا قَالَهُ أَحَدُهُمَا أَقَرَّ الْعَقْدَ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ نَدْبُهُمَا لِلتَّوَافُقِ مَا أَمْكَنَ، وَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَفْعِ مَا طَلَبَهُ صَاحِبُهُ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَاسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ (فَيَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ (أَوْ الْحَاكِمُ) لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ ثُمَّ فَسْخُ الْحَاكِمِ، وَالصَّادِقُ مِنْهُمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْإِقَالَةِ وَغَيْرِهِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمَ وُجُوبِ الْفَوْرِ هُنَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ غَيْرُ مُشْعِرٍ بِالرِّضَا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُودِ الْمُقْتَضَى بِخِلَافِهِ ثُمَّ وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ عَلَى الْإِقَالَةِ الَّذِي نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ بِأَنَّ كُلًّا لَوْ قَالَ وَلَوْ بِحُضُورِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَخْته لَمْ يَنْفَسِخْ وَلَمْ يَكُنْ إقَالَةً، إذْ لَا تَحْصُلُ إلَّا إنْ صَدَرَتْ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِشَرْطِهِ الْمَارِّ مَرْدُودَةٌ بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ بَعْدَ التَّحَالُفِ مِنْ الْفَسْخِ كَتَرَاضِيهِمَا بِهِ: أَيْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَالْقِيَاسُ صَحِيحٌ وَأَنَّ لِكُلٍّ الِابْتِدَاءَ بِالْفَسْخِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ السُّبْكِيُّ (وَقِيلَ إنَّمَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ) لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا اقْتَصَرُوا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ احْتِيَاطًا لِسَبَبِ الْعِتْقِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهِ الشَّارِعُ وَعُلِمَ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهِ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ جَوَازُ وَطْءِ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ وَبَعْدَهُ أَيْضًا عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ، بَلْ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ جَوَازُهُ أَيْضًا بَعْدَ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَسْخِ (عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ) إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي أَنَّ هَذَا مُقْتَضًى لِقُوَّةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْيَمِينِ لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي هَذِهِ وَتَسَاقُطِهِمَا فَكَانَ لَا بَيِّنَةَ.

(قَوْلُهُ: أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ رِضَاهُ كَمَا لَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ بَادَرَ أَحَدُهُمَا لِلْفَسْخِ عَقِبَ التَّحَالُفِ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الِاسْتِمْرَارَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَعِبَارَتُهُ وَأَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ وَلَا أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا بَادَرَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ انْفَسَخَ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّحَالُفِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ الْمَارِّ فِي الْبَيْعِ) مِنْ كَوْنِ الْقَبُولِ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ وَسُكُوتٌ طَوِيلٌ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: إنَّمَا اقْتَصَرُوا فِي الْكِتَابَةِ إلَخْ) لَكِنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْفَاسِخَ الْحَاكِمُ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي) أَيْ بِأَنْ فَسَخَهُ الْكَاذِبُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي) لَوْ تَقَارَّا بِأَنْ قَالَا أَبْقَيْنَا الْعَقْدَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَقَرَرْنَاهُ عَادَ الْعَقْدُ بَعْدَ فَسْخِهِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ بِعْت وَاشْتَرَيْت وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَجْلِسِ الْفَسْخِ الْأَوَّلِ هَكَذَا بِهَامِشٍ عَنْ الزِّيَادِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي الْقِرَاضِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ لِكُلٍّ فَسْخُهُ إلَخْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فِيهِ لِلْحَالِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ذِكْرُهُ عَقِبَهُ كَمَا صَنَعَ الشِّهَابُ حَجّ

. (قَوْلُهُ: وَمُنَازَعَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قِيَاسِ مَا تَقَرَّرَ عَلَى الْإِقَالَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِجَوَازِ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا بِالْفَسْخِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَوَابِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ تَبَعًا لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ أَنَّ لَهُمَا التَّرَاضِيَ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا وَرَدَّ: أَيْ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ تَمْكِينَ كُلٍّ بَعْدَ التَّحَالُفِ مِنْ الْفَسْخِ كَتَرَاضِيهِمَا بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ فَصَحَّ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ: أَوْ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ الِابْتِدَاءَ بِالْفَسْخِ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ مُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى، إذْ مَعْنَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْبُدَاءَةَ بِالْفَسْخِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ يُبْدَأُ بِالْبَائِعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُعَيَّنًا وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَبِالْمُشْتَرَى فِي عَكْسِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ فَلَا يَصِحُّ جَوَابًا عَنْ مُنَازَعَةِ الْإِسْنَوِيِّ الَّتِي حَاصِلُهَا أَنَّ قِيَاسَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَسْخُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِمَا مَعًا. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَأَنْ كَانَ مَرْهُونًا وَلَمْ يَصْبِرْ الْبَائِعُ إلَى فِكَاكِهِ كَمَا سَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>