بَطَلَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ.
(وَإِذَا) (فُسِخَ) السَّلَمُ (بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ) كَانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْآتِي (وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ (اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ) وَلَوْ مُعَيَّنًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ فِيهِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ (وَقِيلَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ إنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ دُونَ الْعَقْدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ عَيْنَهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ.
أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ بَدَلَهُ مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَلَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي الذِّمَّةِ حُمِلَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ أَسْلَمَ عَرَضًا وَجَبَ ذِكْرُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ (وَرُؤْيَةُ رَأْسِ الْمَالِ) الْمِثْلِيِّ فِي سَلَمٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ (تَكْفِي عَنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ) (فِي الْأَظْهَرِ) كَالثَّمَنِ وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ بِالرُّجُوعِ بِهِ لَوْ تَلِفَ كَمَا لَا أَثَرَ لَهُ ثُمَّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ مُصَدَّقٌ فِي قَدْرِهِ لِكَوْنِهِ غَارِمًا، وَلَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا إذْ عِلَّةُ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ هُنَا غَيْرُ رَاجِعَةٍ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ لِلْعِلْمِ بِهِ تَخْمِينًا بِرُؤْيَتِهِ بَلْ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْجَهْلُ بِهِ عِنْدَ الرُّجُوعِ لَوْ تَلِفَ، وَبِالْعِلْمِ بِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ زَالَ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ اسْتِشْكَالَهُ بِأَنَّ مَا وَقَعَ مَجْهُولًا لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي الْمَجْلِسِ كَبِعْتُكَ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَعَلِمَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ غَيْرَ مُلَاقٍ لِمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ جَهْلُهُمَا بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عِنْدَهُ فَلَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا لِعِلْمِهِمَا بِهِ بَعْدُ.
أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ بِالرُّؤْيَةِ فَتَكْفِي فِيهِ الرُّؤْيَةُ جَزْمًا وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَيُفَرَّقُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
تَخْلِيَتُهَا مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِجَارَةِ) وَيُتَّجَهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ عِزَّةِ الْوُجُودِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا غَرَرَ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ اهـ حَجّ.
أَقُولُ: وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ) كَأَنْ رَهَنَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ كَانَ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّهُ) أَيْ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ كَالثَّمَنِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا أَرْشٍ إذَا فَسَخَ عَقْدَ الْبَيْعِ بَعْدَ تَعَيُّبِهِ حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ نَقْصَ صِفَةٍ لَا نَقْصَ عَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ رَدَّهُ مَعَ الْأَرْشِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْخِيَارِ، وَعِبَارَتُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ دُونَ الْمَبِيعِ رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتَهُ، نَصُّهَا: أَمَّا لَوْ بَقِيَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ أَمْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَحَيْثُ رَجَعَ بِبَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ لَا أَرْشَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصَ وَصْفٍ كَأَنْ حَدَثَ بِهِ شَلَلٌ كَمَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ مَجَّانًا اهـ.
ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعُدُولِ إلَى بَدَلِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ ثَمَّ، وَيُجْبَرُ هُنَا أَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي رُجُوعِهِ لَهُ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ ثَمَّ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ تَلَفًا أَدَّى إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ فَسَخَ هُوَ الْعَقْدَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهِ) أَيْ وَلَوْ حُجِرَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمِثْلِيِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ فِي الْمُتَقَوِّمِ طَرِيقَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ) قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِنَحْوِ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ تَحَالُفٍ اهـ: أَيْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ: وَصِفَتِهِ) مُرَادُهُ بِهَا مَا يَشْمَلُ جِنْسَهُ وَنَوْعَهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ لَيْسَتْ لِخَلَلٍ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: لِمَا نَحْنُ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ عَلِمَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا صَحَّ جَزْمًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَقَوِّمُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ الْمِثْلِيِّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ صِفَاتُهُ أَنَّ الَّذِي لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ لَا تَكْفِي رُؤْيَتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ جَهِلَ جِنْسَهُ أَوْ صِفَتَهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ الَّذِي انْضَبَطَتْ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ.
فَإِنْ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute