للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (الْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ) سَلَّمَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهُمَا (بِمَوْضِعٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ) سَلَمًا مُؤَجَّلًا وَهُمَا بِمَحَلٍّ (يَصْلُحُ) لَهُ (وَ) لَكِنْ (لِحَمْلِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مُؤْنَةٌ اشْتَرَطَ) (بَيَانَ مَحَلِّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ: أَيْ مَكَان (التَّسْلِيمِ) لِلْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَالسَّلَمِ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِ ذَلِكَ إلَيْهِ (فَلَا) يُشْتَرَطُ مَا ذَكَرَ وَيَتَعَيَّنُ مَحَلُّ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ فِيهِ فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ تَعَيَّنَ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ لَمَّا قَبِلَ التَّأْجِيلَ قُبِلَ شَرْطًا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ خَرَجَ الْمُعَيَّنُ لِلتَّسْلِيمِ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ خِيَارٌ وَلَا يُجَابُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْفَسْخَ وَرَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لِخَلَاصِ ضَامِنٍ وَفَكِّ رَهْنٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ دَارٌ عُيِّنَتْ لِلْإِرْضَاعِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَحَلِّ غَيْرِهَا فَلَهُ الْفَسْخُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَيُفَارِقُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ وَالْمُؤَنِ، وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ فِيهِمَا وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْمُرَادُ بِمَحَلِّ الْعَقْدِ هُنَا مَحَلَّتُهُ لَا خُصُوصُ مَحَلِّهِ فِيهِمَا.

وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ قَالَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلَدِ كَذَا وَهِيَ غَيْرُ كَبِيرَةٍ كَفَى إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ بَعُدَ عَنْ مَنْزِلِهِ أَوْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شِئْت مِنْهُ صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ وَثَمَّ عَلَى حِفْظِ الْأَبْدَانِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الدُّورِ، وَلِهَذَا لَوْ عَيَّنَّا دَارًا لِلرَّضَاعِ تَعَيَّنَتْ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَتَى اشْتَرَطَ التَّعْيِينَ فَتَرَكَهُ لَمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْإِخْبَارَ بِمَا ذَكَرَ لَا يَسْتَقِيمُ، إذْ الشَّرْطُ هُوَ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَا قَوْلُهُ الْمَذْهَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ حَيْثُ يَبْطُلُ بِتَعْيِينِ غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ لِلْقَبْضِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حَطَبًا أَوْ نَحْوَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ إيصَالَهُ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِخَرَابٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالْخَرَابِ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ لِخَرَابٍ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ، وَإِنْ كَانَ لِخَوْفٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْقَبُولُ فِيهِ وَلَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ النَّقْلُ إلَى غَيْرِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ أَقْرَبُ مَحَلٍّ) بَقِيَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْمَحَلَّانِ هَلْ يُرَاعَى جَانِبُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَخْيِيرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِصِدْقِ كُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ بِكَوْنِهِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) أَيْ يَأْخُذُهَا الْمُسْلِمُ فِي الْأَبْعَدِ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْأَنْقَصِ، وَالْمُرَادُ أُجْرَةُ الزِّيَادَةِ فِي الْأَبْعَدِ وَالنَّقْصِ فِي الْأَنْقَصِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْفَسْخُ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الِانْهِدَامِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا أَعْرَضَ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: وَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْمَحَلَّةِ) أَيْ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ مَا لَمْ يَتَّسِعْ) أَيْ الْبَلَدُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَفَ اعْتِقَادُهُمَا هَلْ الْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِحِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: سِتَّةُ طُرُقٍ مَعْلُومَةٍ) نَصُّهَا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَصَّانِ بِالِاشْتِرَاطِ وَعَدَمِهِ فَقِيلَ هُمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ هُمَا فِي حَالَيْنِ قِيلَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِي الصَّالِحِ وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ، وَقِيلَ هُمَا فِيمَا لَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَيُشْتَرَطُ فِي مُقَابِلِهِ.

وَقَوْلُهُ سِتَّةُ طُرُقٍ: أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَصِيرُ الطُّرُقُ سَبْعَةً.

وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَصْلُحُ الْمَوْضِعُ وَجَبَ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَجِبْ الْبَيَانُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَلَحَ وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَجَبَ الْبَيَانُ فِي الْمُؤَجَّلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَا يُسَلِّمُ مَبِيعًا قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الثَّمَنِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ وَالِدِ الشَّارِحِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ

. (قَوْلُهُ: وَالْمُؤَنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَلِيقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>