الْأَصْحَابِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ الْجَزْمُ بِمَقَالَةِ الْإِمَامِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَاهُ آخِرًا بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ نِصْفٍ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ.
أَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ فَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ جَعَلَ جَمِيعَهُ ظَرْفًا فَكَأَنَّهُمَا قَالَا: يَحِلُّ فِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ بِالْمَجْهُولِ كَقُدُومِ زَيْدٍ قَبْلَهُ بِالْعَامِ ثُمَّ تَعَلَّقَ بِأَوَّلِهِ لِصِدْقِ اللَّفْظِ بِهِ فَوَجَبَ وُقُوعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ قَضِيَّةَ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ لَا لِتَعَيُّنِهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا لِزَيْدٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَعَ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ أَثْنَاءَ يَوْمِهَا وَلَمْ يَتَقَيَّدْ بِأَوَّلِهِ، وَأَمَّا السَّلَمُ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ التَّأْجِيلَ بِالْمَجْهُولِ لَمْ يَقْبَلْهُ بِالْعَامِ وَإِنَّمَا قَبِلَهُ بِنَحْوِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِعَيْنِهِ، فَدَلَالَتُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الظَّرْفِ عَلَى أَزْمِنَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ بَلْ لِزَمَنٍ مُبْهَمٍ مِنْهَا (فَإِنْ) (عَيَّنَ) الْعَاقِدَانِ (شُهُورَ الْعَرَبِ أَوْ الْفُرْسِ أَوْ الرُّومِ) (جَازَ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ، وَيَصِحُّ التَّأْقِيتُ بِالنَّيْرُوزِ، وَهُوَ نُزُولُ الشَّمْسِ بُرْجَ الْمِيزَانِ، وَالْمِهْرَجَانُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقْتُ نُزُولِهَا بُرْجَ الْحَمَلِ، وَعِيدُ الْكُفَّارِ كَفِصْحِ النَّصَارَى وَفَطِيرِ الْيَهُودِ إنْ عَرَفَهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ الْمُتَعَاقِدَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُخْتُصَّ الْكُفَّارُ بِمَعْرِفَتِهَا لِعَدَمِ اعْتِمَادِ قَوْلِهِمْ، نَعَمْ إنْ كَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا يُمْنَعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ جَازَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِمْ وَاكْتَفَى هُنَا بِمَعْرِفَةِ الْعَاقِدَيْنِ الْأَجَلَ أَوْ مَعْرِفَةِ عَدْلَيْنِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ فِي صِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا رَاجِعَةٌ إلَى الْأَجَلِ وَثَمَّ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَحْتَمِلَ هُنَا مَا لَا يَحْتَمِلُ هُنَاكَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الشَّهْرَ (حُمِلَ عَلَى الْهِلَالِيِّ) وَهُوَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ هَذَا إنْ عَقَدَ أَوَّلَهُ (فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ) بِأَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَثْنَائِهِ وَكَانَ التَّأْجِيلُ بِشُهُورٍ (حَسَبَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُنْكَسِرِ (بِالْأَهِلَّةِ وَتَمَّمَ الْأَوَّلَ ثَلَاثِينَ) مِمَّا بَعْدَهَا، وَلَا يُلْغِي الْمُنْكَسِرَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ الْأَجَلِ عَنْ الْعَقْدِ.
نَعَمْ لَوْ عَقَدَا فِي يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ آخِرَ الشَّهْرِ اكْتَفَى بِالْأَشْهُرِ بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهَا، وَلَا يُتَمِّمُ الْأَوَّلَ مِمَّا بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مَضَتْ عَرَبِيَّةً كَوَامِلَ، هَذَا إنْ نَقَصَ الشَّهْرُ الْأَخِيرُ، وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ انْسِلَاخُهُ بَلْ يُتَمِّمُ مِنْهُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِتَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْهِلَالِ فِيهِ حِينَئِذٍ (وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَأْجِيلِهِ بِالْعِيدِ وَجُمَادَى) وَرَبِيعٍ وَالْفِطْرِ (وَيُحْتَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: رَأْيٌ مَرْجُوحٌ فِي آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى آخِرِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: بِالْعَامِّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ شُمُولَ الْيَوْمِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ التَّعْلِيقِ الْمُبْهَمِ، فَإِنَّ الْعَامَّ هُوَ مَا اسْتَغْرَقَ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ الْأَفْرَادِ لَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَوَصْفُهُ بِالْعُمُومِ تَجَوُّزٌ وَكَأَنَّ عِلَاقَتَهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْأَجْزَاءَ بِالْجُزْئِيَّاتِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمِهْرَجَانِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْمِهْرَجَانُ عِيدُ الْفُرْسِ، وَهِيَ كَلِمَتَانِ مِهْرٌ وِزَانُ حِمْلٌ وَجَانَ لَكِنْ تَرَكَّبَتْ الْكَلِمَتَانِ حَتَّى صَارَتَا كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَعْنَاهَا مَحَبَّةُ الرُّوحِ.
وَفِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ: كَانَ الْمِهْرَجَانُ يُوَافِقُ أَوَّلَ الشِّتَاءِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَنْهُ حَتَّى صَارَ يَنْزِلُ فِي أَوَّلِ الْمِيزَانِ انْتَهَى.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَقْتُ نُزُولِهَا أَوَّلَ بُرْجِ الْحَمَلِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ نَقَصَ إلَخْ) أَيْ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَهِلَّةِ بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْعَاقِدَانِ) أَرَادَ بِهِ حَلَّ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ فِي الْمَتْنِ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ الْأَلِفِ وَالنُّونِ، وَعَلَى كُلٍّ فَيُقْرَأُ الْمَتْنُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ إذْ هُوَ عُرْفُ الشَّرْعِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ إلَّا إذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ هُوَ الشَّارِعُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفُهُمْ بِخِلَافِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute