للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّسْلِيمِ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ (فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بِبَلَدٍ آخَرَ) وَلَوْ بَعِيدًا (صَحَّ) السَّلَمُ فِيهِ (إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (لِلْبَيْعِ) لِلْقُدْرَةِ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ كَثِيرًا لِفَهْمِهِ مِنْ الِاعْتِيَادِ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْتَدْ نَقْلُهُ لِنَحْوِ الْبَيْعِ بِأَنْ نُقِلَ لَهُ نَادِرًا أَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَصْلٌ أَوْ نُقِلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِانْتِفَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَوْ انْقَطَعَ فَإِنْ وَجَدَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا قُرْبَ الْمَسَافَةِ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ هُنَا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَاعْتِيَادُ نَقْلِهِ لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ كَافٍ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَحْقِيقِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ، وَاعْتِبَارُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ كَانَ تَبِعَهُمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ (وَلَوْ) (أَسْلَمَ فِيمَا يَعُمُّ) وُجُودُهُ (فَانْقَطَعَ) جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ لِجَائِحَةٍ أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ وُجِدَ بِبَلَدٍ آخَرَ وَكَانَ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ أَصْلًا أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (فِي مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ وَقْتَ حُلُولِهِ وَكَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا هَذِهِ الْحَالَةُ وَهِيَ كَوْنُهُ حَالًّا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنُهُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَكِنَّ هَذَا بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ فَلَوْ أُسْقِطَ مُطْلَقًا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ) مِنْ أَنَّ قُدْرَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ كَمَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ اُكْتُفِيَ بِقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى انْتِزَاعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ السَّلَمَ إنَّمَا يُرَدُّ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى إقْبَاضِهِ.

قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعُدَ مِثْلُ مَا ذَكَرَ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ: وَأَمَّا ثَالِثًا فَلَا نُسَلِّمُ هَذَا الْفَرْقَ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ لَوْ مَلَكَ قَدْرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَغَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فَقَالَ الْمُسْلِمُ الْقَادِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ: تَسَلَّمْهُ عَنْ حَقِّك فَتَسَلَّمَهُ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، فَهَذَا تَسَلُّمٌ أَجْزَأَ فِي السَّلَمِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ كَثِيرًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَادِرًا (قَوْلُهُ: كَثِيرًا) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاعْتِيَادِ) قَدْ يُمْنَعُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الِاعْتِيَادِ الْكَثْرَةُ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَادَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُعَاوِدُهَا: أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَعَوَّدْته كَذَا فَاعْتَادَهُ وَتَعَوَّدْته: أَيْ صَيَّرْته لَهُ عَادَةً، وَاسْتَعَدْت الرَّجُلَ: سَأَلْته أَنْ يَعُودَ، وَاسْتَعَدْته الشَّيْءَ: سَأَلْته أَنْ يَفْعَلَهُ ثَانِيًا اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقَلَ لِنَحْوِ هَدِيَّةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَعْتَدْ الْمُهْدَى إلَيْهِ بَيْعُهَا وَإِلَّا فَتَكُونُ كَالْمَنْقُولِ لِلْبَيْعِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الْمُهْدَى إلَيْهِ هَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَاعَدُ عَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي يَعِزُّ وُجُودُهُ لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ وَقَدْ قَالُوا فِيهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ إلَى كَافِرٍ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ وَأَسْلَمَ لِنُدْرَةِ مِلْكِهِ لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِمَا اُعْتِيدَ نَقْلُهُ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ كَثِيرًا وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: صَيِّرْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ بِأَنْ وَجَدَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ بَلْ هِيَ عَلَى النَّاقِلِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ عَيَّنَا لِلتَّسْلِيمِ غَيْرَ مَحَلِّ الْعَقْدِ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَبِيعُهُ بِأَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ، هَذَا، وَقَالَ حَجّ: أَمَّا لَوْ جَدَّ عِنْدَ مَنْ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهُ بِذَلِكَ الْأَكْثَرِ، وَفَارَقَ الْغَاصِبُ بِأَنَّهُ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ، فَالزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ نَمَاءِ مَا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَأَيْضًا فَالسَّلَمُ عَقْدٌ وُضِعَ لِلرِّبْحِ فَلَزِمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ تَحْصِيلُ هَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ، وَالْغَصْبُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ مَطْلُوبَةٌ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى {بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ) أَيْ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا خِيَارَ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ قَدْ يَشْمَلُهُ مَا قَبْلَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَقْتَ حُلُولِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ وَقْتِ الْحُلُولِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْتٌ يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَيَكُونُ وَقْتًا لِلْحُلُولِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ مِنْهُ حَلَّ الدَّيْنُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>