للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَوْ شَرَطَ الذَّرْعَ بِذِرَاعِ يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومَ الْقَدْرِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْقَبْضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْكَيْلُ مُعْتَادًا بِأَنْ عَرَفَ قَدْرَ مَا يَسَعُ (فَلَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ (فِي الْأَصَحِّ) وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِعَدَمِ الْغَرَضِ فِيهِ فَيَقُومُ غَيْرَ مَقَامِهِ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَ إبْدَالِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ وَعَدْلَيْنِ مَعَهُمَا بِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي أَوْصَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ كَهَذَا أَوْ صَاعِ بُرٍّ كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، أَوْ فِي ثَوْبٍ وَوَصَفَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ آخَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ جَازَ إنْ كَانَا ذَاكِرَيْنِ لِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الْعَيْنِ لَمْ تَعْتَمِدْ الْوَصْفَ.

وَالثَّانِي يَفْسُدُ لِتَعَرُّضِ الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ لِلتَّلَفِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ وَالْمَوَازِينُ وَالذُّرْعَانُ اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَالِبٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ اُعْتِيدَ كَيْلٌ مَخْصُوصٌ فِي حَبٍّ مَخْصُوصٍ بِبَلَدِ السَّلَمِ فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَلَوْ) (أَسْلَمَ فِي) قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ (ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ بِجَائِحَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَذَلِكَ غَرَرٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ عَظِيمَةٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا غَالِبًا فَالْمَدَارُ عَلَى كَثْرَةِ ثَمَرِهَا بِحَيْثُ يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ عَادَةً وَقِلَّتُهُ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ كَذَلِكَ لَا عَلَى كِبَرِهَا وَصِغَرِهَا فَالتَّعْبِيرُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ إنَّمَا تُنَاسِبُ شَرْطَ الْقُدْرَةِ لَا شَرْطَ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ مِنْ التَّنَاسُبِ، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الثَّمَرُ أَوْ يَكْفِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ لَوْ أَتَى بِالْأَجْوَدِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ كَتَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.

(وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ الَّتِي) تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي الَّتِي يَنْضَبِطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِهَا وَ (يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ مِنْ هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ الْمَعْلُومِ لَهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْبُرِّ مُعَيَّنًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُمَا بِذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَسَعُهُ الْمِكْيَالُ (قَوْلُهُ: كَهَذَا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ لِجَوَازِ تَلَفِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَلَا تُعْلَمُ صِفَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهَا لِلْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ) هُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَكَايِيلُ) مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ بِمِصْرِنَا مِنْ تَفَاوُتِ كَيْلِ الرُّمَيْلَةِ وَكِيلِ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ مَكَايِيلِ مِصْرَ، وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ إنْ كَانَا مِنْ الرُّمَيْلَةِ حُمِلَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا حُمِلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَيِّنَا غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ بَيَانُ نَوْعٍ مِنْهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي إرَادَتُهُمَا لِوَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ قِيَاسُ مَا لَوْ نَوَيَا نَقْدًا مِنْ نُقُودٍ لَا غَالِبَ فِيهَا اهـ حَجّ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي التَّحَالُفِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ قَدْرَ الْمَبِيعِ تَحَالُفًا.

(قَوْلُهُ: أَمَّا السَّلَمُ فِي كُلِّهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ كَأَنْ يَقُولُ: أَسْلَمْت إلَيْك فِي جَمِيعِ ثَمَرِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ سَلَمًا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ) هُمَا الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُجْبِرَ) أَيْ الْمُسْلِمُ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمُعَيَّنَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: مَحَلُّ عَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِ الْمِثْلِ إنْ تَعَلَّقَ بِخُصُوصِ ثَمَرِ الْقَرْيَةِ غَرَضٌ لِلْمُسْلِمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا لِكَوْنِهِ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِمُنَاسَبَةِ مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْمِكْيَالِ لِمَذْكُورٍ بِجَامِعِ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا احْتِمَالُ التَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعِلَّةُ الصِّحَّةِ فِيهِمَا الْأَمْنُ مِنْ التَّلَفِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ

. (قَوْلُهُ: لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعَ عَدْلَيْنِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ فِيمَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ الْآتِي، أَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ مِنْ أَنَّ مَقْصُودَ الْمُصَنِّفِ مِمَّا ذَكَرَهُ هُنَا كَوْنُ الْأَوْصَافِ مَعْرُوفَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا حَاجَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>