أَيْ قِلَّتِهِ لِأَنَّ السَّلَمَ غَرَرٌ كَمَا مَرَّ فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يُوثَقُ بِتَسْلِيمِهِ.
(فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ كَالْمُخْتَلَطِ الْمَقْصُودِ الْأَرْكَانِ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ (كَهَرِيسَةٍ) وَكَشَكٍّ وَمَخِيضٍ فِيهِ مَاءٌ عَلَى مَا مَثَّلَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا سَبَبُ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ انْضِبَاطِ حُمُوضَتِهِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلٍّ نَحْوِ التَّمْرِ بِأَنَّ ذَاكَ لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ فَإِنَّ قَوَامَهُ بِهِ، بِخِلَافِ هَذَا إذْ لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ وَمِثْلُهُ الْمَصْلُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مَعَ قَصْدِ أَرْكَانِهِ
لِأَنَّا نَمْنَعُ قَصْدَ الْمَاءِ مَعَ اللَّبَنِ الْمَبْذُولِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ اللَّبَنُ (وَمَعْجُونٍ) رُكِّبَ مِنْ جُزْأَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (وَغَالِيَةٍ) وَهِيَ مَا رُكِّبَ مِنْ عَنْبَرٍ وَمِسْكٍ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ أَوْ عُودٌ وَكَافُورٌ وَمِثْلُهَا النَّدُّ بِفَتْحِ النُّونِ مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ خُلِطَ مِنْ غَيْرِ دُهْنٍ (وَخُفٍّ) وَنَعْلٍ رُكِّبَا مِنْ ظِهَارَةٍ وَبِطَانَةٍ وَحَشْوٍ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذِكْرِ انْعِطَافَاتِهَا وَأَقْدَارِهَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ مُفْرَدٍ إنْ كَانَ جَدِيدًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عَنْ حَجّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْبَضُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ لِقَبْضِهِ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَالْمَجْلِسُ لَا يَدُومُ عُرْفًا، فَعِزَّةُ وُجُودِهِ لَا تُؤَدِّي إلَى تَنَازُعٍ أَصْلًا لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ السَّلَمُ وَإِلَّا فَلَا، عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ حُضُورُ رَأْسِ الْمَالِ جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُمَا دُهْنٌ) أَيْ دُهْنٌ بَانَ
[حاشية الرشيدي]
الْمَاوَرْدِيُّ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْغِنَاءُ مُبَاحًا اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ
. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْأَوْصَافِ إذْ مَا لَا يَنْضَبِطُ مَقْصُودُهُ لَا تُعْرَفُ أَوْصَافُهُ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمَاءُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِيهِ) أَيْ: مَعَ عَدَمِ مَنْعِهِ لِمَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ، كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ حَجّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَقَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ كَوْنَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِمَقْصُودِ الْمَخِيضِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي قُوتِهِ.
فَرْعٌ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا خَالَطَهُ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ مَخِيضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَضِيَّةُ الْفَرْقِ الْآتِي إذْ الضَّمِيرُ فِي كَلَامِهِ يَرْجِعُ إلَى اللَّبَنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ عَيْبٌ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ، فَكَوْنُهَا عَيْبًا فِيهِ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخَلِّ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ قِيلَ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مَعَ قَصْدِ بَعْضِ أَرْكَانِهِ فَقَطْ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ إلَخْ، فَالْإِيرَادُ حِينَئِذٍ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ، ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْأَرْكَانِ فِي الْمَخْلُوطِ مُقْتَضٍ لِلصِّحَّةِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّ عَدَمَ قَصْدِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي، فَالصَّوَابُ مَا فِي التُّحْفَةِ، عَلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ شِبْهَ تَنَاقُضٍ حَيْثُ أَثْبَتَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْمَاءَ مَقْصُودٌ وَلَمْ يُورِدْهُ عَلَى لِسَانِ قَائِلٍ ثُمَّ نَفَى ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ زِيَادَةُ لَفْظِ بَعْضٍ قَبْلَ لَفْظِ أَرْكَانِهِ وَهِيَ لَا تُلَائِمُ الْجَوَابَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عُودٍ وَكَافُورٍ) أَيْ وَمَعَهُمَا دُهْنٌ وَحُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِقَ عِبَارَةَ التُّحْفَةِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعُودٍ وَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبَارَةَ غَيْرُ وَافِيَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الظِّهَارَةِ وَالْبِطَانَةِ وَالْحَشْوِ، وَالْعِبَارَةُ تَضِيقُ عَنْ الْوَفَاءِ بِذِكْرِ أَطْرَافِهَا وَانْعِطَافَاتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute