وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الْقَدِّ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ بِاشْتِرَاطِهِ فِي الرَّقِيقِ وَفِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ الْمَاوَرْدِيُّ، لِأَنَّ مَا يَرْفَعُهُ هَذَا فِي أَثْمَانِهَا أَكْثَرُ مِمَّا يَخْتَلِفُ أَثْمَانُ الْحِنْطَةِ بِصِغَرِ الْحَبَّاتِ وَكِبَرِهَا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِيهِ، وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَالْبَقَرِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْجَزْمُ بِهِ حَتَّى فِي الْغَنَمِ أَيْضًا، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا مَرَّ يُحْمَلُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ لَا يَخْتَلِفُ بِذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ.
(وَفِي الطَّيْرِ) وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا (النَّوْعِ وَالصِّغَرِ وَكِبَرِ الْجُثَّةِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَلَوْنُ طَيْرٍ لَمْ يَرِدْ لِلْأَكْلِ كَمَا فِي الْوَسِيطِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَهْمَلَاهُ فَقَدْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ، وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ حَيْثُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ وَالْقِيمَةُ.
وَيَجِبُ ذِكْرُ سِنِّهِ إنْ عُرِفَ وَذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ وَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ، وَكَوْنُ السَّمَكِ بَحْرِيًّا أَوْ نَهْرِيًّا طَرِيًّا أَوْ مَالِحًا، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ وَإِنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ بِعَدَدٍ وَلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ.
(وَفِي اللَّحْمِ) مِنْ غَيْرِ طَيْرٍ وَصَيْدٍ وَلَوْ قَدِيدًا مُمَلَّحًا (لَحْمُ بَقَرٍ) جَوَامِيسَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَحْثًا مُقَابِلًا كَلَامَهُمَا كَمَا قَدْ تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَتُهُ، لَكِنْ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْحَاوِي الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَلَى بَلَدٍ يَقِلُّ فِيهِ مُنَافَاةٌ لِتَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الْبُلْقَ مُخْتَلِفٌ لَا يَنْضَبِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمَ الِانْضِبَاطِ لَا قِلَّةَ وُجُودِهِ وَكَثْرَتِهَا، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ إلَى رَدِّ مَا عَلَّلَ بِهِ بِقَوْلِهِ وَيَكْفِي مَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ) أَيْ فِي الْمَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْقَدِّ (قَوْلُهُ: الْمَاوَرْدِيُّ) صَرِيحُ عِبَارَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي جَازِمٌ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِي جَمِيعِ الْمَاشِيَةِ حَتَّى الْبَقَرِ، وَمَا هُنَا يَخْرُجُ مَا عَدَا الرَّقِيقَ وَالْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ لَمْ يَذْكُرْ الِاشْتِرَاطَ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ طَرْدُهُ فِي الْبِغَالِ إلَخْ، هَذَا وَقَضِيَّةُ نَقْلِهِ مَا ذَكَرَ فِي الرَّقِيقِ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَقَدِّهِ طُولًا وَقِصَرًا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ) أَيْ الْقَدُّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) خِلَافًا لحج.
(قَوْلُهُ: وَفِي الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ وَنَحْوِهِمَا) عِبَارَةُ حَجّ وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَلَحْمِهِمَا، وَهِيَ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي لَحْمِ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةَ، وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ نَحْوَهُمَا مُحَرَّفَةٌ عَنْ لَحْمِهِمَا، وَعَلَى كَوْنِهَا صَحِيحَةً فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الصَّيْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُهُ غَرِيبٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ وَإِلَّا فَلَا غَرَابَةَ فِيهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ فِي بَعْضِ الطُّيُورِ) أَيْ اعْتِبَارُ اللَّوْنِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنِ السَّمَكِ بَحْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَهْرِيًّا) أَيْ مِنْ الْبَحْرِ الْحُلْوِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي النَّحْلِ) بِالْحَاءِ: أَيْ وَأَمَّا النَّخْلُ بِالْخَاءِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ السَّلَمِ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهِ بِالطُّولِ وَنَحْوِهِ فَيَقُولُ أَسْلَمْت إلَيْك فِي نَخْلَةٍ صِفَتُهَا كَذَا فَيُحْضِرُهَا لَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا.
وَمِنْ الصِّفَةِ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةَ نَبَاتِهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي اللَّحْمِ) لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي كَوْنِهِ مُذَكًّى أَوْ غَيْرَهُ صَدَقَ الْمُسْلِمُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَا ذَكَّيْته فَيَصْدُقُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ إلَخْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَدَّ فِي الرَّقِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَمِنْهَا أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَخْتَلِفُ) مَا فِيهِ مَصْدَرِيَّةٌ
.