للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانُ التَّسْلِيمِ وَزَمَانُهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ، بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْإِجْبَارُ بِمَا مَرَّ بَلْ يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ، أَوْ الْإِبْرَاءِ عَنْهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ غَرَضِهِ وَقَدْ أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ وَارِثُهُ لَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ حَيٍّ بِخِلَافِهِ عَنْ مَيِّتٍ لَا تَرِكَةَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَصْلَحَةِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ بِالطَّلَبِ أَدَاؤُهُ فَوْرًا لَكِنْ يُمْهَلُ الْمَدِينُ لِمَا لَا يُخِلُّ بِالْفَوْرِيَّةِ فِي الشُّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ مَثَلِهِمْ مَا لَمْ يَخَفْ هَرَبَهُ فَبِكَفِيلٍ أَوْ مُلَازِمٍ.

(وَلَوْ) (وَجَدَ الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) بِفَتْحِهَا أَيْ مَكَانِهِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْعَقْدِ أَوْ الشَّرْطِ فَلَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالسَّلَمِ فِيهِ وَإِلْزَامُهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ، أَوْ يُوَكِّلُ وَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسَلِّمُ لِيَتَضَرَّرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَيَسِيرِ نَقْدٍ وَمَالَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسَلِّمُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَغْلَى مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْفَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ غَرَضٌ غَيْرُ الْبَرَاءَةِ كَفَكِّ رَهْنٍ أَوْ ضَمَانٍ حَيْثُ أُجْبِرَ فِيهِ الْمُسَلِّمُ عَلَى الْقَبُولِ عَيْنًا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ غَرَضُهُ مُجَرَّدَ الْبَرَاءَةِ حَيْثُ أُجْبِرَ فِيهِ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ؟ قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ هَذَا التَّوَقُّفِ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ الْبَرَاءَةُ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالْقَبُولِ بِخِلَافِهِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهِ، وَيُخَالِفُهُ اعْتِمَادُ جَمْعٍ مُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِي الْقَرْضِ إلَّا حَيْثُ لَا خَوْفَ: أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فِيهِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مَحْضُ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ، وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ إضْرَارِ الْمُقْرِضِ بِوَجْهٍ فَلَمْ يَلْزَمْ بِالْقَبُولِ وَلَوْ فِي مَحَلِّ الْقَرْضِ إلَّا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَا هُنَا مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ، وَقَضِيَّتُهَا لُزُومُ قَبْضِهَا الْمُسْتَحَقَّ فِي مَحِلِّ تَسْلِيمِهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِإِضْرَارِ الْمُسَلِّمِ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا رُوعِيَ غَرَضُهُ فِيمَا مَرَّ لِأَنَّ ذَاكَ الْقَبْضَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِمُقْتَضَى الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ الْقَرْضَ أَنَّهُ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَنَظَرَ فِيهِ لِإِضْرَارِ الْقَابِضِ وَعَدَمِهِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٌّ عَنْ حَيٍّ) قَدْ يُفْهَمُ مُقَابَلَتُهُ لِلْوَارِثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ الْوَارِثَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُفْهَمُ أَنَّ الْوَارِثَ فِي الْحَيِّ كَالْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا يُسَمَّى وَارِثًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَعْدَ مَوْتِ الْوَرِيثِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ بِالطَّلَبِ) وَمِثْلُهُ الْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ دَلَالَةً قَوِيَّةً، وَقَدْ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ إلَخْ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا لِدَارِنَا بَلْ يَحْرُمُ إنْ طَلَبُوا تَعْجِيلَهَا وَلَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَيِّنُ بِالْعَقْدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ وَفِيمَا لَهُ مُؤْنَةٌ بِدَلِيلِ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُؤَجَّلَ الَّذِي لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ صَلَحَ مَحَلُّ الْعَقْدُ فَقَوْلُهُ أَوْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مُشْكِلٌ، إذْ لَا يَكُونُ التَّعْيِينُ بِالْعَقْدِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤْنَةِ هُنَاكَ مُؤْنَةُ النَّقْلِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُؤْنَةُ النَّقْلِ مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ وَلَا يَكُونُ لَهُ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ فَيُفْرَضُ مَا هُنَا فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مُؤْنَةٌ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ الصَّالِحِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ بَلْ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ، ثُمَّ إذَا وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَصَّلَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ إلَخْ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ تَسْلِيمُهُ لِلْمُسَلِّمِ وَإِنْ ارْتَفَعَ سِعْرُهُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ: أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَوْ نَحْوِهِ أَدَاؤُهُ حَيْثُ ارْتَفَعَ سِعْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَحِينَئِذٍ فَالْمَانِعُ مِنْ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلِمُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ: أَوْ كَانَ: أَيْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَرَضِيَ بِهِ دُونَهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ الصَّغِيرِ: كَمَا لَوْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَقْنَعْ الْمُسْلِمُ بِهِ بَلْ طَلَبَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>