إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَرَدُّهُ فَفِيهِ عِبَادَتَانِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا بِعِشْرِينَ حَسَنَةً، فَالتَّضْعِيفُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهُوَ الْبَاقِي فَقَطْ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَسْتَرِدُّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَبْرَأ مِنْهُ كَانَ لَهُ عِشْرُونَ ثَوَابُ الْأَصْلِ وَالْمُضَاعَفَةُ، وَمَحَلُّ نَدْبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ مُضْطَرًّا وَإِلَّا كَانَ وَاجِبًا، وَمَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ مِنْ آخِذِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمَا أَوْ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَ، وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ الِاقْتِرَاضُ إنْ لَمْ يَرْجُ وَفَاءَهُ مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ مَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُقْرِضَ بِحَالِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ وَأَظْهَرَ فَاقَتَهُ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ لَوْ عَلِمَ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ الْمُقْتَرِضُ أَنَّ مَا يُقْرِضُهُ لِنَحْوِ صَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِ الِاقْتِرَاضُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ أَخْفَى الْفَاقَةَ وَأَظْهَرَ الْغَنِيُّ حَالَتَهُ حَرُمَ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَالتَّغْرِيرِ عَكْسُ الصَّدَقَةِ (وَصِيغَتُهُ) الصَّرِيحَةُ أَشْيَاءُ مِنْهَا (أَقْرَضْتُك أَوْ أَسْلَفْتُك) كَذَا أَوْ هَذَا (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) وَلَوْ مُتَقَوِّمًا إذْ ذَكَرَ الْمِثْلَ فِيهِ نَصٌّ فِي مَقْصُودِ الْقَرْضِ لِأَنَّ وَضْعَهُ عَلَى رَدِّ الْمِثْلِ صُورَةً، وَبِهِ فَارَقَ جَعْلَهُمْ خُذْهُ بِكَذَا كِنَايَةً فِي الْبَيْعِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا لِلْغَزِّيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا، وَاتَّضَحَ أَنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا لَا كِنَايَةٌ خِلَافًا لِجَمْعٍ، وَأَيْضًا فَمِمَّا يُدْفَعُ بِهِ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّضْعِيفُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتَرَدَّهُ وَبَقِيَ التَّضْعِيفُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمَا) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الْقَرْضِ كَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ وَاجِبًا) أَيْ عَلَى الْمُقْرِضِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَكْرُوهٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبَاحَ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا دَفَعَ إلَى غَنِيٍّ بِسُؤَالٍ مِنْ الدَّافِعِ مَعَ عَدَمِ احْتِيَاجِ الْغَنِيِّ إلَيْهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا لَا مُسْتَحَبًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى تَنْفِيسِ كُرْبَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ لِلدَّافِعِ كَحِفْظِ مَالِهِ بِإِحْرَازِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ كُرِهَ) أَيْ لَهُمَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ بَلْ يَجِبُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِ مَحْجُورِهِ مِنْ الْمُضْطَرِّ الْمُعْسِرِ بِالنِّسْبَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا: أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُقْرِضُ الْمُضْطَرَّ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ: مِنْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ) أَيْ قَرِيبِ الْحُصُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَلَا حُرْمَةَ، وَهَلْ يَكُونُ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ) أَيْ الِاقْتِرَاضُ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) هَلْ يَقُولُ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بَاطِنًا لَمْ يُقْرِضْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ يَمْلِكُهُ هُنَا مُطْلَقًا، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا تَنْدَفِعُ بِالْغِنَى؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ شِرَاءَ الْمُعْسِرِ مِمَّنْ لَا يُعْلَمُ إعْسَارُهُ وَبَيْعُ الْمَعِيبِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ لِمَنْ يَجْهَلُهُ وَالشِّرَاءُ بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ كَذَلِكَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: حَرُمَ أَيْضًا) وَيَمْلِكُهُ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَسْلَفْتُك) وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ الْقَرْضُ لَا سِيَّمَا وَذِكْرُ الْمُتَعَلِّقِ فِي السَّلَمِ يَخْرُجُ هَذَا اهـ حَجّ.
وَالْمُتَعَلِّقُ نَحْوُ قَوْلِهِ أَسْلَفْتُك كَذَا فِي كَذَا (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ إذْ ذَكَرَ الْمِثْلَ إلَخْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّ الْقَرْضَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقْرِضَ) كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ إنْ عُلِمَ أَنَّ الْمُقْرِضَ لَوْ عَلِمَ حَقِيقَةَ حَالِهِ لَمْ يُقْرِضْهُ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَمِمَّا يُدْفَعُ بِهِ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا إلَخْ) هَذَا لَا يَظْهَرُ لَهُ تَعَلُّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَعَلَّ فِيهِ سَقْطًا مِنْ النُّسَّاخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute