فِي فَتَاوِيهِ.
وَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُ مَاءِ الْقَنَاةِ لِلْجَهْلِ بِهِ (إلَّا الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ فِي الْأَظْهَرِ) فَلَا يَجُوزُ إقْرَاضُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً مَعَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً يَحِلُّ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَطْؤُهَا وَكَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ جَارِيَةً أَيْضًا جَازَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِمَا سَيَأْتِي وَامْتِنَاعُ قَرْضِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فَتَصِيرُ فِي مَعْنَى إعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا نَقَلَهُ مَالِكٌ عَنْ إجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ عَطَاءٍ مِنْ جَوَازِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ جَوَازُ هِبَتِهَا لِفَرْعِهِ مَعَ جَوَازِ رُجُوعِهِ فِيهَا لِجَوَازِ الْقَرْضِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَلِأَنَّ مَوْضُوعَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ فِي الْبَدَلِ فَأَشْبَهَ الْإِعَارَةَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فِيهِمَا، وَخَرَجَ بِتَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَكَذَا مُلَاعَنَةٌ، وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ لَا نَحْوُ أُخْتِ زَوْجَتِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ.
(قَوْلُهُ: الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَبْقَى عِنْدَهُ إلَى بُلُوغِهِ حَدًّا يُمْكِنُهُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَرُدَّهَا عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ) وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِمَّا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ لِفَرْعِهِ مِنْ جَوَازِ الْقَرْضِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا) أَيْ أَوْ يَتَمَتَّعُ بِهَا فَيَدْخُلُ الْمَسْمُوحُ لِإِمْكَانِ تَمَتُّعِهِ بِهَا (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ) قَالَ حَجّ: وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ فَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ أَئِمَّةٌ أَجِلَّاءُ. فَالْوَجْهُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ شَاذٌّ بَلْ كَادَ أَنْ يَخْرِقَ بِهِ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: جَوَازُ هِبَتِهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ مَجُوسِيَّةٍ) لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ بَعْدَ اقْتِرَاضِهَا فَهَلْ يَجُوزُ وَطْؤُهَا أَوْ يَمْتَنِعُ لِوُجُودِ الْمَحْذُورِ وَهُوَ احْتِمَالُ رَدِّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فَيُشْبِهُ إعَارَتَهَا لِلْوَطْءِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُ لَا نَحْوُ أُخْتٍ إلَخْ قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ ابْنَتَهَا وَهُوَ الْمُتَّجَهُ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ، وَقَوْلُهُ وَقَرْضُ الْخُنْثَى حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُ الْخُنْثَى مُقْرِضًا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَمُقْتَرِضًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُقْرَضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ لِأَنَّهُ يَعِزُّ وُجُودُهُ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ يُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يُفَارِقَ أُمَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ يَطَأُ الْبِنْتَ وَيَرُدَّهَا وَقَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ. أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِحُكْمِنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْقَرْضِ وَإِسْلَامُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً وَاحْتِمَالُ أَنْ يَرُدَّهَا لَا نَظَرَ فِيهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَلَكِنْ نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ لِوَالِدِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ
[حاشية الرشيدي]
الْعَقَارِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي كَتَبَ عَلَيْهَا الشِّهَابُ سم حَتَّى كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: وَجَمَعَ الْإِسْنَوِيُّ أَفْتَى بِهَذَا الْجَمْعِ شَيْخُنَا م ر.
وَأَقُولُ: فِي هَذَا الْجَمْعِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَرْضَ الْمُعَيَّنِ جَائِزٌ فَلْيَجُزْ قَرْضُ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ أَمْكَنَ رَدُّ مِثْلِهِ الصُّورِيِّ، بِخِلَافِ الْعَقَارِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهُ جَمَعَ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورَ مَا نَصُّهُ وَالْأَقْرَبُ مَا جَمَعَ بِهِ السُّبْكِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَمْلِ الْمَنْعِ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ كَمَا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا، وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلِإِمْكَانِ رَدِّ مِثْلِهَا الصُّورِيِّ اهـ. مَا فِي حَوَاشِي الشِّهَابِ سم، وَظَاهِرُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ مَنْفَعَةِ الْعَقَارِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ، لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ مِثْلِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إقْرَاضِ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ دَارٍ بِقَيْدِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ آنِفًا، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا جَازَ قَرْضُهُ جَازَ قَرْضُ مَنْفَعَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً إلَخْ) كَانَ الْأَوْفَقُ بِالسِّيَاقِ أَنْ يَقُولَ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْمَحْظُورُ الْآتِي بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَارِيَةً أَيْضًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَامْتِنَاعُ قَرْضِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ الْمَحْظُورَ خَوْفُ التَّمَتُّعِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ) لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ كَلَامِهِ فِي قُوتِهِ، وَأَفَادَ الشَّارِحُ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْوَطْءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute