للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَذْهَبَ إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَيَذْهَبَ إلَيْهِ، وَيُكْرَهُ طُولًا لِأَنَّهُ قَدْ يُدْمِي اللِّثَةَ وَيُفْسِدُهَا إلَّا فِي اللِّسَانِ، فَيُسَنُّ فِيهِ، وَالْكَرَاهَةُ لَا تُنَافِي الْإِجْزَاءَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الِاسْتِيَاكِ بِالْمِبْرَدِ فَيُكْرَهُ لِإِزَالَتِهِ جُزْءًا، وَقَدْ يَحْرُمُ كَأَنْ فَعَلَهُ بِضَارٍّ، وَيُجْزِئُ فِي الْحَالَتَيْنِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ إزَالَةِ الْقَلَحِ بِهِ.

وَيُسَنُّ غَسْلُهُ لِلِاسْتِيَاكِ بِهِ ثَانِيًا إنْ عَلِقَ بِهِ قَذَرٌ، وَيُنْدَبُ بَلْعُ الرِّيقِ أَوَّلَ الِاسْتِيَاكِ وَيَحْصُلُ (بِكُلِّ خَشِنٍ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ فِيمَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ» وَهَذَا مَنْجَسَةٌ لَهُ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ تَغَيُّرٍ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُهُ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْمَضْمَضَةُ بِنَحْوِ مَاءِ الْغَاسُولِ وَإِنْ أَنْقَى الْأَسْنَانَ وَأَزَالَ الْقَلَحَ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا بِخِلَافِهِ بِالْغَاسُولِ نَفْسِهِ، وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْوَسَطِ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ فِي الْأَسْنَانِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ظَهْرًا وَبَطْنًا إلَى الْوَسَطِ، وَيَبْقَى الْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَعُمَّ السِّوَاكُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، هَلْ يَبْدَأُ بِالْعُلْيَا فَيَسْتَوْعِبُهَا إلَى الْوَسَطِ ثُمَّ الْيُمْنَى كَذَلِكَ أَوْ بِالسُّفْلَى؟ أَوْ يَسْتَوْعِبُ ظَهْرَ الْأَسْنَانِ مِنْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ثُمَّ بَاطِنَهَا؟ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ تِلْكَ الْكَيْفِيَّاتِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (قَوْلُهُ: وَيَذْهَبُ إلَيْهِ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الْأَسْنَانِ، أَمَّا بَاطِنُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ فِيهِ بَيْنَ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ الْمُتَقَدِّمَ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ طُولًا) أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَوَّلًا: أَيْ عَرْضَ الْأَسْنَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ إلَّا فِي قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا اللِّسَانَ بِمَعْنَى غَيْرٍ، إذْ اللِّسَانُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ حَتَّى يَسْتَثْنِيَهُ، وَمُقْتَضَى تَخْصِيصِ الْعَرْضِ بِعَرْضِ الْأَسْنَانِ وَالطُّولِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيمَا عَدَاهُمَا مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهِ السِّوَاكُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولًا كَاللِّسَانِ فِي غَيْرِ اللِّثَةِ، أَمَّا هِيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَرْضًا لِأَنَّهُ عَلَّلَ كَرَاهَةَ الطُّولِ فِي الْأَسْنَانِ بِالْخَوْفِ مِنْ إدْمَاءِ اللِّثَةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي اللِّسَانِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ عَلَى سَقْفِ فَمِهِ بِلُطْفٍ وَعَلَى كَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ انْتَهَى خَطِيبٌ.

قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ اسْتِعْمَالَهُ فِي كَرَاسِيِّ الْأَضْرَاسِ تَتْمِيمًا لِلْأَسْنَانِ، ثُمَّ بَعْدَ الْأَسْنَانِ اللِّسَانُ، وَبَعْدَ اللِّسَانِ سَقْفُ الْحَنَكِ (قَوْلُهُ: بِالْمِبْرَدِ) كَمِنْبَرٍ لِأَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ (قَوْلُهُ: لِإِزَالَتِهِ جُزْءًا) أَيْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى كَسْرِهَا (قَوْلُهُ: كَأَنْ فَعَلَهُ بِضَارٍّ) كَالنَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ غَسْلُهُ) زَادَ حَجّ قَبْلَ وَضْعِهِ: كَمَا إذَا أَرَادَ الِاسْتِيَاكَ بِهِ ثَانِيًا وَقَدْ حَصَلَ بِهِ نَحْوُ رِيحٍ (قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ بَلْعُ الرِّيقِ) وَلَعَلَّ حِكْمَتَهُ التَّبَرُّكُ بِمَا يَحْصُلُ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ.

وَيَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السِّوَاكُ جَدِيدًا.

وَعِبَارَةُ فَتَاوَى الشَّارِحِ: الْمُرَادُ بِأَوَّلِ السِّوَاكِ مَا اجْتَمَعَ فِي فِيهِ مِنْ رِيقِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السِّوَاكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الِاسْتِيَاكِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ، وَلَعَلَّهُ الْمَرَّةُ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَ تَارِكًا لَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ) خِلَافًا حَجّ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَدَمِ إجْزَاءِ النَّجِسِ وَإِجْزَاءِ الضَّارِّ كَالنَّبَاتَاتِ السُّمِّيَّةِ وَالْمِبْرَدِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مُحَرَّمٌ وَالثَّانِيَ مَكْرُوهٌ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّجِسِ مُنَافٍ لِلْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ أَوْ الْكَرَاهَةَ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا يُنَافِي مَقْصُودَ السِّوَاكِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ حَجّ مِنْ إجْزَاءِ النَّجِسِ يَمْنَعُ مُنَافَاتَهُ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّهَارَةِ فِيهِ الطَّهَارَةُ اللُّغَوِيَّةُ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ فَلَا يَكْفِي النَّجِسُ: أَيْ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَ السِّوَاكَ فَدَمِيَتْ لِثَتُهُ فَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ (قَوْلُهُ: مَطْهَرَةٌ) ضَبَطَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَالْمَحَلِّيِّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ فَتْحِهَا مَعَ أَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الْفَتْحُ بِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ: أَيْ السِّوَاكُ طَهَارَةٌ لِلْفَمِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَجّ وَنَصُّهُ: مِطْهَرَةٌ أَيْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ التَّطْهِيرِ أَوْ اسْمٌ لِلْآلَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لِإِزَالَةِ تَغَيُّرٍ) وَيَتَّجِهُ الْكَرَاهَةُ إذَا اسْتَاكَ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ احْتَاجَ لِلسِّوَاكِ فِي إزَالَتِهَا كَالدُّسُومَةِ النَّجِسَةِ انْتَهَى قم.

وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْيَدَ لَا تُبَاشِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ) بِالْمُثَنَّاةِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ) قَالَ حَجّ: لِلِاتِّبَاعِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِنْثَارِ) أَيْ الدَّاخِلِ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ؛ إذْ الْيُسْرَى لِلْأَذَى، وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>