للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ صِحَّةٍ لِتَنْتَفِعَ بِهِ بِمَا شِئْت وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا نُظِّرَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الدَّيْنِ (وَكَذَا الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ) وَكَوْنُهُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ، فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ زَيْدًا فَرَهَنَ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ لَمْ يَصِحَّ، أَوْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيَّ مَحْجُورٍ فَرَهَنَ مِنْهُ بَعْدَ كَمَالِهِ بَطَلَ كَمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا فَزَادَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الزَّائِدِ فَقَطْ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا إنْ نَقَصَ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَمَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ مِنْ وَاحِدٍ فَرَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ.

وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِضَعْفِ الْغَرَضِ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى قَوْلِ الْعَارِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ: ضَمِنْت مَا لِفُلَانٍ عَلَيْك فِي رَقَبَةِ عَبْدِي مِنْ غَيْرِ قَبُولِ الْمَضْمُونِ لَهُ كَفَى وَكَانَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ (فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ) الرَّاهِنِ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ الْآنَ اتِّفَاقًا، أَوْ فِي يَدِ (الْمُرْتَهِنِ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِمَا إذْ الْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ وَلَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَالِكُ فَكَإِعْتَاقِ الْمَرْهُونِ فَيَنْفُذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ مِنْ الْمُوسِرِ دُونَ الْمُعْسِرِ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ إنْسَانٌ أُقِيمَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.

(وَلَا رُجُوعَ لِلْمَالِكِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ مَا يُخَالِفُ مَا وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْإِذْنِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَظُنُّ رَهْنَهُ بِنَجَسٍ يَتَيَسَّرُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِتَخْلِيصِهِ أَوْ بِأَجَلٍ يَنْتَهِي عِنْدَ إدْرَاكِ غَلَّاتِهِ مَثَلًا فَيَكُونُ الْحَاصِلُ بِخِلَافِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ مَعَ قَوْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ بِكَمْ شِئْت أَوْ بِمَا شِئْت أَوْ كَيْفَ شِئْت عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: بِمَا شِئْت) سَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي انْتَفِعْ بِمَا شِئْت أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمُعْتَادِ فِي مِثْلِهِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ هُنَا بِمَا يُعْتَادُ رَهْنُ مِثْلِهِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الِانْتِفَاعَ فِي الْمُعَارِ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ يَعُودُ مِنْهُ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَعُودُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ إذْ غَايَتُهُ أَنْ يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى ثَمَنِهِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ وَاحِدًا) قَدْ تَتَضَمَّنُهُ مَعْرِفَةُ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.

وَقَدْ يُمْنَعُ تَضَمُّنُهُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُعْرَفَ الْمَرْهُونُ عِنْدَهُ بِكَوْنِهِ بَعْضَ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ كَأَنْ يُقَالَ: زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَقَدْ عَرَفَهُمْ إجْمَالًا، وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَرْهُونِ عِنْدَهُ مِنْهُمْ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ فَاسِقًا فَرَهَنَ مِنْ عَدْلٍ لَمْ يَصِحَّ الرَّهْنُ (قَوْلُهُ: بَطَلَ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي لِأَنَّ الْأَفْعَالَ فِي عِبَارَاتِ الْمُصَنِّفِينَ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الزَّمَانِ مُرَادٌ مِنْهَا مُجَرَّدُ الْحَدَثِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ اسْتَعَارَ إلَخْ) وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ رَهْنَهُ مِنْ وَاحِدٍ فَرَهَنَهُ مِنْ اثْنَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ عَلَى الرَّهْنِ بَلْ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ أَوْ يُمْكِنُهُ فِكَاكُ بَعْضِهِ بِدَفْعِ حِصَّةِ أَحَدِ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَكِنْ فِيهِ إضْرَارٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي الْحَالُ إلَى بَيْعِ حِصَّةِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنِينَ فَيَتَشَقَّصُ مِلْكُهُ، وَأَيْضًا فَبَيْعُ النِّصْفِ أَيْضًا قَدْ تَكُونُ قِيمَتُهُ أَنْقَصَ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ (قَوْلُهُ: الْمَضْمُونُ) أَيْ وَهُوَ الدَّائِنُ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْمُرْتَهِنُ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَضْمِينِ الْمُرْتَهِنِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَسْقُطْ عِلَّةٌ لِعَدَمِ تَضْمِينِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمُعَارُ لِلرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أُقِيمَ بَدَلُهُ مَقَامَهُ) أَيْ بِلَا إنْشَاءِ عَقْدٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْأَظْهَرِ وَمُقَابِلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُتَعَلِّقُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ الثَّانِي وَمِنْ ثَمَّ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ إلَخْ) هَذَا التَّأْيِيدُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ضَمَانٌ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَطَلَ) جَوَابُ قَوْلِهِ فَلَوْ خَالَفَ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ نَقَصَ مِنْ جِنْسِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ نَقَصَ لَكِنْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ كَمَا لَوْ قَالَ أَرْهَنُهُ بِدِينَارٍ فَرَهَنَهُ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ عَنْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَا ضَمَانَ

.

<<  <  ج: ص:  >  >>