مُقَابِلِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ كَالْوَكَالَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ وَوَارِثُ الْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُ فِي الْقَبْضِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: إذَا كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ لَمْ يُقَدَّمْ الْمُرْتَهِنُ بِهِ وَإِنْ أَقْبَضَهُ الْوَارِثُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ التَّخْصِيصُ وَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ مَرْدُودٌ، إذْ الْمُخَصِّصُ فِي الْحَقِيقَةِ عَقْدُ الْمُورَثِ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَالْمَوْتِ بَلْ أَوْلَى، وَيَعْمَلُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ فَيُجِيزُ لَهُ مَا لَهُ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً كَأَنْ يَخْشَى وَلِيُّ الرَّاهِنِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَسْخَ بَيْعٍ شُرِطَ فِيهِ الرَّهْنُ وَفِي إمْضَائِهِ حَظٌّ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إنْ كَانَ الرَّهْنُ تَبَرُّعًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ وَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ عَدَمِ إقْبَاضِهِ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي بَيْعِ الْأَصْلَحِ مِنْ فَسْخِهِ أَوْ إجَازَتِهِ.
وَلَوْ خَرِسَ الرَّهْنُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ وَأَذِنَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّاهِنَ إذَا رَهَنَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: يَقُومُ وَارِثُ الرَّاهِنِ) هَلْ وَلَوْ عَامًا اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: إطْلَاقُ كَلَامِهِمْ يَشْمَلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ رَأْي الْمَصْلَحَةَ فِي الْإِقْبَاضِ، وَقَوْلُ سم وَلَوْ عَامًا: أَيْ كَنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فِي الْإِقْبَاضِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ.
وَقَالَ سم عَلَى الْبَهْجَةِ قَبْلَ فَصْلِ الْخِيَارِ: قَوْلُهُ كَأَنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُشْهِدَ إلَخْ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَبُولُ إشْهَادِ الْوَارِثِ بَلْ لَهُ الْفَسْخُ مَعَ بَذْلِ الْوَارِثِ الْإِشْهَادَ، وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ وَهَلْ يَمُوتُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّهْنِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ أَوْ يُفَرَّقُ بِتَعَيُّنِ الْمَرْهُونِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ عَيَّنُوا لَا يَتَعَيَّنُونَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَامِلٌ لِلْإِقْبَاضِ لَكِنْ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِشْهَادِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ قِيَامِهِ فِيهِ عَدَمُ قِيَامِهِ فِي الْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدُهُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِخُصُوصِ الْمُفْلِسِ، وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمُفْلِسِ الْإِقْبَاضُ بِغَيْرِ رِضَا بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِجَامِعِ تَعَلُّقِ الْجَمِيعِ بِمَالِهِ بِالْحَجْرِ فَفِي إقْبَاضِهِ تَخْصِيصٌ، وَقِيَاسُ مَنْعِ بَحْثِهِ وَرَدِّهِ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ تَنْبِيهًا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَوْ كَانَ لِلْمُفْلِسِ غُرَمَاءُ غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَجُزْ لِلرَّاهِنِ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ عَقْدَ الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَذَا تَسَلُّمُ الرَّهْنِ اهـ.
فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ عَلَى مُقْتَضَى رَدِّ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ، وَقَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ انْفَكَّ الْحَجْرُ قَبْلَ بَيْعِ الرَّهْنِ جَازَ التَّسْلِيمُ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَوْلُ سم فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَمَّا كَانَ التَّصَرُّفُ مِنْهُ نَفْسِهِ كَانَ إقْبَاضُهُ تَخْصِيصًا لِلْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ مِنْهُ قَبْلَ الْحَجْرِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيِّ فَإِنَّهُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ انْتَهَى فِعْلُهُ، وَكَانَ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ إمْضَاءً لِمَا فَعَلَهُ الرَّاهِنُ فِي حَيَاتِهِ.
وَقَرِيبٌ مِنْهُ جَعْلُهُمْ إجَازَةَ الْوَارِثِ الْوَصِيَّةَ تَنْفِيذًا لَا عَطِيَّةً مُبْتَدَأَةً (قَوْلُهُ: وَيَعْمَلُ الْوَلِيُّ بِالْمَصْلَحَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ، أَمَّا هُوَ فَلَا وَلِيَّ لَهُ بَلْ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْإِقْبَاضَ إنْ قُلْنَا بِهِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْمُرْتَهِنِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ.
أَمَّا هُوَ فَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَيَنْظُرُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ جُنَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَرَأَى وَلِيُّ أَحَدِهِمَا الْفَسْخَ وَالْآخَرُ الْإِجَازَةُ وَجَبَ مُرَاعَاةُ الْفَسْخِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْإِجَازَةِ، لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِتَقْدِيمِ الْفَسْخِ لَفَاتَ حَقُّ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: عَدَمُ إقْبَاضِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَقْبِضْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَمْ يَقْتَضِهِ فَيَبْطُلُ كَالْمَجْنُونِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ وَمَا بَعْدَهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا الْجُنُونُ وَمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ إقْبَاضِهِ الرَّهْنَ إلَخْ) الْمَصْدَرُ