وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَتِيقِ وَقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. نَعَمْ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ فَسَائِرِ الدُّيُونِ، فَلَوْ قَالَ: قَصَدْت الْإِيدَاعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِعَقْدٍ وَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِأَنَّهَا تُجْعَلُ رَهْنًا، هَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، وَإِلَّا فَبَحَثَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا وَصَرْفِهَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلرَّهْنِ فِي ذَلِكَ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بِسُؤَالِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إنْ وَقَعَ بِعِوَضٍ وَإِلَّا فَهِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ إعْتَاقُ وَارْثِ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ عَنْ مُورَثِهِ وَإِعْتَاقُ وَارِثِ الْمَدْيُونِ عَبْدَ التَّرِكَةِ مَعَ كَوْنِهِ مَرْهُونًا عَنْ مُورَثِهِ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُورَثِهِ فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ بِنَفْسِهِ وَفِي الرَّهْنِ الْجُعْلِيِّ لَا غَيْرِهِمَا، ثُمَّ ظَاهِرٌ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ نُنَفِّذْهُ) لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يَنْفُذْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إعْتَاقَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ الْحَجَرُ. وَالثَّانِي يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعْتِقْ أَيْضًا كَمَا فُهِمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَلَوْ اسْتَعَارَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ ثُمَّ وَرِثَهُ فَالْأَوْجَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ احْتِمَالَاتٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَأَنَّهُ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَصِيرُ رَهْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَكُونُ وَاقِعَةً عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ دَفْعِهَا الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصْرِفُهُ عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِمَّا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ فِعْلِهَا عَنْ جِهَةِ الْغُرْمِ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْقِيمَةَ: أَيْ كَوْنُهَا مَرْهُونَةً (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ كَوْنُ الْقِيمَةِ تَصِيرُ رَهْنًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ حَلَّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ غُرْمِهَا) أَيْ لِتَكُونَ رَهْنًا وَبَيْنَ صَرْفِهَا إلَخْ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ نُفُوذِ عِتْقِهِ) بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا (قَوْلُهُ: مَا لَوْ كَانَ عَنْ كَفَّارَتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَسَيَأْتِي إعْتَاقُهُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِلَا سُؤَالٍ نَفَذَ، لَكِنْ عِبَارَةُ حَجّ: أَمَّا عِتْقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَعِتْقُهُ تَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ بَاطِلٌ لِذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي تَعْلِيلِ بُطْلَانِ إعْتَاقِهِ تَبَرُّعًا بِمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِدُونِ سُؤَالِهِ لَا يَكُونُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ تَبَرُّعًا أَنَّهُ بِسُؤَالٍ مِنْ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْهِبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ، لَكِنْ مَا أَفَادَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ بِغَيْرِ سُؤَالٍ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَيَّدَ بِالسُّؤَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ تَصْحِيحُ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُنَازَعَةِ فِي التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَتْ النُّسْخَةُ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِالْكَافِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الرَّاهِنُ (قَوْلُهُ: خَلِيفَةُ مُورَثِهِ) أَيْ وَعِتْقُهُ نَافِذٌ حَيْثُ أَيْسَرَ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ وَلَوْ بِعِوَضٍ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُمَا جَائِزَانِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ قَبُولَهُ لِذَلِكَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي
[حاشية الرشيدي]
الذِّمَّةِ غَايَةً فِي الْمَتْنِ بَلْ يَجْعَلُهُ حُكْمًا مُقْتَضِيًا كَمَا صَنَعَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُشْتَرَطُ) أَيْ: لِتَعَيُّنِهَا لِلرَّهْنِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَتَصِيرُ رَهْنًا. (قَوْلُهُ: بِسُؤَالِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّكْفِيرِ عَنْ الْغَيْرِ مُطْلَقًا فَهُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَأَيْضًا لِيَتَأَتَّى تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَخْ، أَمَّا الْإِعْتَاقُ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْعَتِيقُ غَيْرَ مَرْهُونٍ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) قَيْدٌ مُضِرٌّ إذْ هُوَ عَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يُعْتَقْ جَزْمًا، قَالَ: وَقَدْ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ: أَيْ عَلَى الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute