مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ سَوَاءٌ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْخَلِيَّةُ عِنْدَ الرَّهْنِ وَالْمُزَوَّجَةُ فَإِنْ زَوَّجَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الزَّوْجِ (وَلَا الْإِجَارَةُ) مِنْ غَيْرِهِ (إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ يَحِلُّ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ مُدَّتِهَا لِأَنَّهَا تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَتُقَلِّلُ الرَّغَبَاتِ كَذَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّتِمَّةِ الْبُطْلَانُ فِيمَا جَاوَزَ الْمَحَلَّ فَقَطْ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالسُّبْكِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْهُدْنَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا لَمَّا وَقَعَتْ مُجَاوِزَةً لِلْمَحَلِّ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِمَا أُذِنَ فِيهِ شَرْعًا فَبَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ بِأَكْثَرَ، وَفِي إجَارَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ بِأَزْيَدَ مِمَّا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، وَكَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فِي أَزْيَدَ مِمَّا أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ، أَمَّا إذَا كَانَ يَحِلُّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ مَعَهُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِ غَيْرِ الْعَدْلِ وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ، فَإِنْ احْتَمَلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ وَالْمُقَارَنَةَ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهَا بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ صَحَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
وَيُوَجَّهُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهَا إنَّمَا امْتَنَعَتْ لِنَقْصِهَا الْقِيمَةَ وَذَلِكَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ امْتِنَاعِ كُلِّ انْتِفَاعٍ يَضُرُّ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الْقِيمَةِ كَبِنَاءٍ، وَأَنَّ تَفْرِيغَ الْمَأْجُورِ لَا يَطُولُ زَمَنُهُ بَعْدَ الْحُلُولِ وَلَا تَبْطُلُ بِالْحُلُولِ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا صَحِيحَةً ابْتِدَاءً بَلْ يَصْبِرُ الْمُرْتَهِنُ إلَى انْقِضَائِهَا وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي مَا فَضَلَ لَهُ مِنْ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَلِلْغُرَمَاءِ، أَمَّا الْإِجَارَةُ مِنْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
أَقُولُ: يَنْبَغِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تُنْقِصُ الْقِيمَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْمُزَوَّجَةُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَطَلُقَتْ (قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ) أَيْ ثُمَّ إنْ وَطِئَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا حَدَّ إنْ جَهِلَ فَسَادَ النِّكَاحِ كَالْأَمَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ عَلِمَتْ فَسَادَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَقُولُ بِصِحَّةِ التَّزْوِيجِ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: فَبَطَلَتْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بِأَزْيَدَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْبَاءِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا لَوْ اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ الْبَاءِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ أَنْ يُؤَجِّرَ بِقَدْرٍ فَأُجِّرَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَهُوَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَصِحُّ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَإِنْ احْتَاجَ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ لِزَمَنٍ تُنْقَلُ فِيهِ الْأَمْتِعَةُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ، وَعِبَارَةُ حَجّ: أَوْ مَعَهُ وَلَوْ احْتِمَالًا فَيَجُوزُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا قِيمَةُ الْمَرْهُونِ وَلَمْ تَمْتَدَّ مُدَّةُ تَفْرِيغِهِ لِمَا بَعْدَ الْحُلُولِ زَمَنًا لَهُ أُجْرَةٌ اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَتْ تَنْقَضِي بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ بِزَمَنٍ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَتْ تَنْقَضِي مَعَهُ وَيَتَوَقَّفُ تَفْرِيغُ الْأَمْتِعَةِ عَلَى مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بِأَنَّهَا إذَا بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ لِمَا بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ كَانَتْ مَنْفَعَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ مُسْتَحَقَّةً لِلْمُسْتَأْجِرِ فَتَبْقَى الْيَدُ لَهُ حَائِلَةً بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَهَا إذَا أَرَادَ الْبَيْعَ، وَلَا كَذَلِكَ مَا إذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ حُلُولِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُسْتَعِيرُ) أَيْ فِي صِحَّةِ إعَارَتِهِ إنْ كَانَ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ) أَيْ الْمَرْهُونُ (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ لِبِنَاءٍ بِأَنْ آجَرَ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ لِيَبْنِيَ جِدَارَ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ)
[حاشية الرشيدي]
لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا رَهْنُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَصَرُّفٌ يُزِيلُ الْمِلْكِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الرَّجْعَةِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَقَدْ يُصَوَّرُ بِكَوْنِ الرَّاهِنِ هُوَ الزَّوْجُ بِأَنْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَرَهَنَهَا وَطَلَّقَهَا وَرَاجَعَهَا. (قَوْلُهُ: لَمَّا وَقَعَتْ مُجَاوِزَةً لِلْمَحَلِّ كَانَتْ مُخَالِفَةً إلَخْ) هَذَا يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي الْهُدْنَةِ فَلَا يَحْسُنُ فَرْقًا.
نَعَمْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا بَطَلَ فِي الْهُدْنَةِ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ لِمَا يَلْزَمُ قِيَامُ بُطْلَانِهَا مِنْ أَصْلِهَا مِنْ الْمَفْسَدَةِ الْعَامَّةِ إذْ هِيَ مِنْ
مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
الْعَامَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) يَعْنِي فِي كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يُقَرِّرْ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَبِنَاءٍ) تَمْثِيلٌ لِمَا يُورِثُ نَقْصًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute