يَحْلِفُ مَعَهُ وَإِنْ وَثِقَ بِهِ لَا ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ بِأَنْ كَانَتْ ظَاهِرُ حَالِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ بَاطِنُهُ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ كُلَّ مَرَّةٍ كَمَا قَالَاهُ: أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ أَصْلًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِرْشَادِ وَأَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَا ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: تُفْهِمُ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْهَادِ أَوَّلَ دَفْعَةٍ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَتَكْفِي عَدَالَتُهُ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّافِعِيِّ وَالْمُصَنِّفِ يَرْجِعُ النَّفْيُ فِي كَلَامِهِمَا إلَى الْفِعْلِ وَالْقَيْدِ مَعًا مِثْلُ قَوْلِهِ: وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرُ أَيْ لَا ضَبَّ وَلَا انْجِحَارَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: ١٨] أَيْ لَا شَفَاعَةَ وَلَا طَاعَةَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: ١٥٧] فَإِنَّ النَّفْيَ لِأَصْلِ الْقَتْلِ، وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ نَفْيُ أَصْلِ الْفِعْلِ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ هُنَا صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ لِمِلْكِهِ طَرِيقٌ مُشْتَرَكٌ وَطَلَبَ شَرِيكُهُ الْإِشْهَادَ لَزِمَهُ إجَابَتُهُ إلَيْهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ إلَى الْإِشْهَادِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ أَوَّلًا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلرَّاهِنِ (بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) وَإِنْ رَدَّهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِأَنَّهَا عَقْدٌ (مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ الِانْتِفَاعَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ زَالَ بِإِذْنِهِ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ فَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَحْبَلَهَا وَأَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ نَفَذَ وَبَطَلَ الرَّهْنُ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْوَطْءِ فَوَطِئَ ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ إلَى الْوَطْءِ مُنِعَ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَضَمَّنُ أَوَّلَ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ تَحْبَلَ مِنْ تِلْكَ الْوَطْأَةِ فَلَا مَنْعَ مِنْ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ اهـ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَهُ الْوَطْءُ فِيمَنْ لَمْ تَحْبَلْ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى مَرَّةٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (الرُّجُوعُ) عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ) لِأَنَّ حَقَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْأُولَى مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى رَدِّهِ ثُمَّ يُنْكِرُ أَخْذَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا اهـ.
فَتَعْبِيرُهُ بِاشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ وَثِقَ بِهِ لِأَنَّهُ كَيْفَ يَثِقُ بِهِ مَعَ التُّهْمَةِ، وَالْأَقْرَبُ مَا اسْتَوْجَهَهُ سم (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ لَا ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: أَصْلًا) أَيْ لَا مَرَّةً وَلَا غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَالْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْإِشْهَادُ) أَيْ عَلَى أَنَّ الطَّرِيقَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ إجَابَةٍ) لَعَلَّهُ عَدَمُ إجَابَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ الرَّاهِنُ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: كَانَ لِحَقِّهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: مَنَعَ) مِنْهُ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى.
[حاشية الرشيدي]
فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ لَا فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِ وَمَا سَيَأْتِي فِي مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُثِقَ بِهِ) لَعَلَّهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَإِلَّا فَثِقَتُهُ بِهِ تُنَافِي اتِّهَامَهُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الْإِشْهَادِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُكَلِّفُهُ الْإِشْهَادَ إذَا اتَّهَمَهُ وَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ عِنْدَ النَّاسِ، لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ الْإِشْهَادَ كُلَّ مَرَّةٍ) التَّعْبِيرُ بِيُكَلَّفُ لَا يُنَاسِبُ تَرْجِيعَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَشْهَدُ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّكْلِيفِ فِي حَقِّهِ وَالْحَقُّ لَهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَهُ: أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ تَكْلِيفُهُ الْإِشْهَادَ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي الْآتِيَةِ فَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ لِلشَّارِحِ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ) أَيْ عِنْدَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ) لَعَلَّهُ وَبَيْنَ عَدَمِ إجَابَةِ الدَّائِنِ فَسَقَطَ لَفْظُ عَدَمِ أَوْ الْمُرَادُ وَبَيْنَ إجَابَةِ الدَّائِنِ حَيْثُ لَمْ نَقُلْ بِهَا
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) كَأَنَّ الْمُرَادَ وَلِلرَّاهِنِ فِعْلُ مَا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِوَضٌ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ لَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عِوَضُ مَا مَنَعْنَاهُ إلَخْ: أَيْ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي إذْنِهِ عِوَضًا فِي نَظِيرِ التَّصَرُّفِ امْتَنَعَ عَلَى الرَّاهِنِ التَّصَرُّفُ؛ لِفَسَادِ الْإِذْنِ لِاقْتِرَانِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute