وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ فَقَدْ يَجِدُ مَا يُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ
وَقَدْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْحَاكِمِ بَيْعَ مَا يَرَى بَيْعَهُ مِنْ الْمَرْهُونِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدْيُونِ أَوْ امْتِنَاعِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً فَإِنْ كَانَ لِلْغَائِبِ نَقْدٌ حَاضِرٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ وَفَاءَهُ مِنْهُ وَأَخَذَ الْمَرْهُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْدٌ حَاضِرٌ وَكَانَ بَيْعُ الْمَرْهُونِ أَرْوَجَ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ بَاعَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَاكِمِ صَحَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ تَدْعُوَ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَتِهِ أَوْ حِفْظِهِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ بَيِّنَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ كَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ رَهَنَ عَيْنًا بِدَيْنِ مُؤَجَّلٍ وَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ فَأَحْضَرَ الرَّاهِنُ الْمَبْلَغَ إلَى.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا يُقَالُ: هَذَا ظَاهِرٌ فِي امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا فِي امْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ بِسَبِيلِ مَنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَتَسَاهَلُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ فَفِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، لَكِنْ فِي حَجّ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي ثَمَنِهِ إلَّا إذَا أَبَى أَيْضًا مَنْ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْهُ فَيُطْلِقُ لِلرَّاهِنِ التَّصَرُّفَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ) أَيْ عَلَى الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدْيُونِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمَا دُونَهَا، قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى م ر فَقَالَ: لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَالرَّاجِحُ الِاكْتِفَاءُ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ وَلَهُ الْقَضَاءُ مِنْ مَالٍ عَلَى الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ: بَاعَهُ) أَيْ فَلَوْ بَاعَ غَيْرَ الْأَرْوَجِ هَلْ يَصِحُّ حَيْثُ كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ لَا لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الْأَرْوَجِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَأْخِيرِ وَفَاءِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَالْحَاكِمِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةً) أَيْ تَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَكَوْنِ الْعَيْنِ الَّتِي أُرِيدَ بَيْعُهَا مَرْهُونَةً عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا وَدِيعَةً مَثَلًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ وَكَانَ بِغَيْرِهَا قَرِيبًا مِنْهَا كَشُبْرَا مَثَلًا أَوْ بُولَاقَ مَثَلًا كَانَ لَهُ الْبَيْعُ بِنَفْسِهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِهَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ) أَيْ أَوْ كَانَ يَتَوَقَّفُ الرَّفْعُ إلَيْهِ عَلَى غُرْمِ دَرَاهِمَ وَإِنْ قَلَّتْ
(قَوْلُهُ: فَلَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ) وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ مَا بَاعَهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ. وَلَا يُقَالُ: هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ لَا يَتَيَسَّرُ الشُّهُودُ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَبِفَرْضِهَا فَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ إحْضَارُهُمْ وَقْتَ النِّزَاعِ فَصُدِّقَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَالظَّافِرِ) قَالَ حَجّ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُ: أَيْ الْمُرْتَهِنِ وَبَيْنَ الظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنَّ لَهُ الْبَيْعَ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ هَذَا عِنْدَهُ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ فَلَا يَخْشَى فَوَاتَهُ فَاشْتَرَطَ لِظَفَرِهِ الْعَجْزَ، بِخِلَافِ ذَاكَ يَخْشَى الْفَوَاتَ لَوْ صَبَرَ لِلْبَيِّنَةِ فَجَازَ لَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْفَلَسِ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ كَوْنُهُ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْيَدُ عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ فَكَفَى إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي إلَخْ سَيَأْتِي أَنَّ
[حاشية الرشيدي]
الرَّاهِنُ نَحْوَ وَلِيٍّ
. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْغَائِبِ، أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْحَاكِمِ يُوفِي مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ غَيْرَ الرَّهْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِعَيْنِهِ مَعَ حُضُورِ الرَّاهِنِ وَطَلَبِهِ التَّوْفِيَةَ مِنْهُ، وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ امْتِنَاعِ الرَّهْنِ وَإِنْ نَقَلَهُمَا الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ؛ إذْ هُوَ نَفْسُهُ قَدْ أَشَارَ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التُّحْفَةِ إلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ الَّذِي أَشَارَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ إلَى ضَعْفِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَظَاهِرٌ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَائِبِ خَاصَّةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ فَلْيُحَرَّرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute