للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ بِهِ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ النَّقِيبِ بِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا فَيَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدْلِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، نَعَمْ مَحَلُّهُ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ يُسَاوِي مِائَةً وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ فَبَاعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بِالْعَشَرَةِ صَحَّ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْعَدْلِ: لَا تَبِعْهُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ: لَا تَبِعْهُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَلَمْ يَبِعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِذْنِ كَذَا أَطْلَقَاهُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ غَرَضٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ فَقَالَ الرَّاهِنُ: بِعْ بِالدَّرَاهِمِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْ بِالدَّنَانِيرِ فَلَا يُرَاعَى خِلَافُهُ، وَيُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِذَا امْتَنَعَ عَلَى الْعَدْلِ الْبَيْعُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَأَخَذَ بِهِ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بَاعَ بِجِنْسِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ رَأَى ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الرَّهْنُ بِقَدْرِ الْحَقِّ

(فَإِنْ) (زَادَ) فِي الثَّمَنِ (رَاغِبٌ) يُوثَقُ بِهِ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمُشْتَرِيَ لِيَبِيعَهُ مِنْ الرَّاغِبِ بِالزِّيَادَةِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَوْ زَادَ الرَّاغِبُ (قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ) لِلْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ وَهُوَ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ (فَلْيَفْسَخْ) أَيْ الْعَدْلُ الْبَيْعَ حَتْمًا (وَلْيَبِعْهُ) لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ، وَلَوْ بَاعَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ صَحَّ وَكَانَ فَسْخًا وَهُوَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْسَخُ فَيَرْجِعُ الرَّاغِبُ، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ انْفَسَخَ لِأَنَّ زَمَنَ الْخِيَارِ كَحَالَةِ الْعَقْدِ وَهُوَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ وَهُنَاكَ رَاغِبٌ بِزِيَادَةٍ، فَلَوْ رَجَعَ الرَّاغِبُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ بِحَالِهِ وَإِلَّا بَطَلَ وَاسْتُؤْنِفَ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فَلَا يُشْكِلُ بِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ بِفَسْخٍ مُشْتَرِيهِ بِخِيَارٍ مُخْتَصٍّ بِهِ لِزَوَالِ مِلْكِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: وَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) أَيْ فِي الْبَيْعِ لَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَرَرَ) قَضِيَّةُ جَوَازِ بَيْعِهِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ حَيْثُ كَانَ مِنْ حَيْثُ الدَّيْنِ وَأَذِنَ فِيهِ الرَّاهِنُ، وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَنَقْدُ الْبَلَدِ دَرَاهِمُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ غَرَضٌ فِيمَا عَيَّنَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ: هَلَّا كَانَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ انْتَهَى، قُلْت: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ بَيْعَهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَحْصِيلَ الدَّيْنِ مِنْهُ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَأْخِيرِ التَّوْفِيَةِ فَيَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْحَقِّ) أَيْ أَوْ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ لِتَضَرُّرِ الرَّاهِنِ بِبَيْعِ قَدْرِ الزَّائِدِ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: فَلْيَفْسَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الرَّاغِبِ مُحَرَّمَةً كَمَا عُلِمَ مِنْ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ عَلَى الشِّرَاءِ وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَنْفَسِخُ بِزِيَادَةِ الرَّاغِبِ وَلَا يَنْفُذُ الْفَسْخُ مِنْ الْعَدْلِ لَوْ فَسَخَ، وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي نَفَذَ فَسْخُهُ وَلَا يَبِيعُهُ الْعَدْلُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ، هَذَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَدْلِ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي مُنَافٍ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَالْمُرْتَهِنَ) بِدَلِيلِ إفْرَادِهِ الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِيمَا يَأْتِي فَانْدَفَعَ مَا فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا) قَدْ مَرَّ أَنَّ بَيْعَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِحُضُورِ الرَّاهِنِ، فَلَعَلَّ صُورَةَ انْفِرَادِ الْمُرْتَهِنِ هُنَا أَنَّهُ بَاعَ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ وَالرَّاهِنُ سَاكِتٌ، لَكِنْ قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهَلَّا كَانَ إقْرَارُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ كَإِذْنِهِ إذْ لَوْلَا رِضَاهُ لَمُنِعَ، بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ الْمُرَادُ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ وَإِلَّا فَمَا صُورَتُهُ، أَوْ يُتَصَوَّرُ انْفِرَادُ الْمُرْتَهِنِ بِمَا مَرَّ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ بَاعَهُ بِحَضْرَتِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا يُتَأَمَّلُ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) شَرْطٌ لِأَصْلِ صِحَّةِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. (قَوْلُهُ: لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>