وَلَا يَحِلُّ الْأَجَلُ إلَّا بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ أَوْ اسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي، وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالْجُنُونِ، وَإِذَا بِيعَتْ أَمْوَالُ الْمُفْلِسِ لَمْ يُدَّخَرْ مِنْهَا شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ فَإِنْ حَلَّ قَبْلَ الْقِسْمَةِ اُلْتُحِقَ بِالْحَالِّ، وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ حُكْمُ سَفَرِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ.
(وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا حَجْرَ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ بَلْ يُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِقَضَاءِ الدُّيُونِ، فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَإِنْ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ: أَيْ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ حَجَرَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى دَيْنِهِ انْتَهَى، وَهَذَا يُسَمَّى الْحَجْرُ الْغَرِيبُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) كَسُوبًا (وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَكَذَا) لَا حَجْرَ عَلَيْهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِّ. وَالثَّانِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ كَيْ لَا يُضَيِّعَ مَالَهُ فِي النَّفَقَةِ، وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ زَائِدَةٌ عَلَى مَالِهِ.
(وَلَا يُحْجَرُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ طَلَبٍ) مِنْ غُرَمَائِهِ أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُمْ إذْ هُوَ لِمَصْلَحَتِهِمْ وَهُمْ نَاظِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْأَلْ وَلِيُّهُ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ الْحَجْرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ الْأَجَلُ إلَّا بِالْمَوْتِ) قَالَ حَجّ: وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي الْحُلُولِ بِهِ: أَيْ بِالْمَوْتِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مَحَلًّا بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ وَمَاتَ قَبْلَ حُلُولِهَا وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ حَلَّتْ بِالْمَوْتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُلُولِهِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَا لَوْ تَحَمَّلَ دَيْنَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا يَحِلُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِمَوْتِ الْمَدِينِ انْتَهَى حَجّ.
وَمِنْ صُوَرِهِ مَا لَوْ قُتِلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ سِوَى بَيْتِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ بَقِيَتْ الدِّيَةُ مُؤَجَّلَةً عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْحُلُولَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَلَامُهُمْ فِي الْحُلُولِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِبَيْتِ الْمَالِ فَكَأَنْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَرِئَ حَالَةَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَوْ الرِّدَّةِ الْمُتَّصِلَةِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُلُولَ حِينَئِذٍ بِالرِّدَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الرِّدَّةِ بِأَدَاءِ مَالِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ، فَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِهِ لِتَبَيُّنِ حُلُولِ الدَّيْنِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ أَمْوَالِهِ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا صَارَتْ حَالَّةً فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقِسْمَةِ) أَيْ أَوْ مَعَهَا لِعَدَمِ خُرُوجِ الْمَالِ عَلَى مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَقْتَ الْحُلُولِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ) بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ إلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَيُكَرِّرُ ضَرْبَهُ لَكِنْ يُمْهَلُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَلَمِ الْأُولَى لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى قَتْلِهِ انْتَهَى حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: بِالضَّرْبِ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ. قَالَ: وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَبْسِ: أَيْ الَّذِي طَلَبَهُ الْغَرِيمُ وَرَأَى الْحَاكِمُ ضَرْبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْحَدِّ انْتَهَى. أَقُولُ: وَإِنَّمَا جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْحَدِّ هُنَا لِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِ يُعَدُّ صَائِلًا وَدَفْعُ الصَّائِلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ، وَقَوْلُهُ: وَيُكَرِّرُ ضَرْبَهُ: أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الِامْتِنَاعِ) أَيْ مِنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ دَيْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالْإِتْلَافِ، وَفِي كَلَامِ حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ: وَيَجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ: أَيْ جَوَازُ الْحَجَرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ نَحْوَ ثَمَنٍ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي مَبْحَثِ الْحَجْرِ الْغَرِيبِ اخْتِصَاصُهُ بِذَلِكَ صَوْنًا لِلْمُعَامَلَاتِ عَنْ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْأَمْوَالِ. وَالثَّانِي أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَحْوَ إتْلَافٍ، إذْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا حَجْرَ فِي النَّاقِصِ وَالْمُسَاوِي غَرِيبًا وَلَا غَيْرِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدُّيُونُ بِقَدْرِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسْأَلْ وَلِيُّهُ) أَيْ وَظَهَرَ مِنْهُ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: مِنْ غُرَمَائِهِ) أَيْ: الْمُطْلَقِينَ التَّصَرُّفِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ يَخْلُفُهُمْ: أَيْ وُكَلَائِهِمْ، أَمَّا الْمَحْجُورُونَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحَجْرُ لَهُمْ عَلَى طَلَبٍ كَمَا يَأْتِي، وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ الْمَتْنَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشُّرَّاحُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute