للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي لِذَلِكَ الْمُقِرِّ بِهِ فَمَا دُونَهُ.

(وَإِنْ قَالَ عَنْ جِنَايَةٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) فَيُزَاحِمُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ وَالثَّانِي لَا كَمَا لَوْ قَالَ عَنْ مُعَامَلَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ إنْ كَانَ بِرِضَا مُسْتَحَقِّهِ لَمْ يُقْبَلْ فِي حَقِّهِمْ وَإِلَّا قُبِلَ وَزَاحَمَ الْغُرَمَاءَ، وَلَا يُنَافِي عَدَمَ الْقَبُولِ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَجَبَ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاعْتَرَفَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَائِهِ قُبِلَ، وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ لِتَعَيُّنِ حَمْلِ قَوْلِهِ قُبِلَ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.

(وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) أَوْ الْإِقَالَةِ (مَا كَانَ اشْتَرَاهُ) قَبْلَ الْحَجْرِ (إنْ كَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الرَّدِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً بَلْ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ السَّابِقِ وَالْحَجْرُ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَلِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُ وَالْغُرَمَاءِ وَفَارَقَ بَيْعُهُ بِهَا بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ رَدِّهِ حِينَئِذٍ دُونَ لُزُومِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالدَّارِمِيُّ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتٌ لِحَاصِلٍ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ وَإِنَّمَا لَزِمَ الْوَلِيَّ الرَّدُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْأَحَظِّ لِمُوَلِّيهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَالْغِبْطَةُ فِي رَدِّهِ فَلَمْ يَرُدَّ بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ تَفْوِيتٌ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرَضِ أَقْوَى وَلِأَنَّ الضَّرَرَ اللَّاحِقَ لِلْغُرَمَاءِ بِتَرْكِ الرَّدِّ قَدْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَقِبَهُ: وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ شَرْعًا تَسْتَلْزِمُ قُدْرَتُهُ عَلَى بَقِيَّةِ وَفَاءِ الدُّيُونِ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُقِرِّ لَيْسَ فِيهَا تَقْيِيدُ الْقُدْرَةِ بِالشَّرْعِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الْقُدْرَةَ الْحَيَّةَ، فَالْوَجْهُ أَنَّ بُطْلَانَ ثُبُوتِ إعْسَارِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: وَبِهِ يَنْدَفِعُ التَّوَقُّفُ الْمَذْكُورُ وَيُعْلَمُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالشَّرْعِيَّةِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ لَا مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: أَنَا قَادِرٌ شَرْعًا اتَّجَهَ أَنَّهُ يُبْطِلُ إعْسَارَهُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الدُّيُونِ لِتَصْرِيحِهِ بِمَا يُنَافِي حَمْلَ الْقُدْرَةِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْحِسِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي) أَيْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ الَّذِينَ تَعَلَّقَتْ دُيُونُهُمْ بِسَبَبِ الْحَجْرِ دُونَ الْمُقِرِّ لَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُؤَاخِذُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهِ لَا بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ.

(قَوْلُهُ: لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَيُطَالَبُ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ امْتَنَعَ الرَّدُّ وَوَجَبَ الْأَرْشُ وَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهُ رَوْض اهـ سم عَلَى حَجّ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ مَنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَصَرُّفًا مُبْتَدَأً) وَقَدْ قَيَّدَ فِيمَا مَرَّ امْتِنَاعَ التَّصَرُّفِ بِالْمُبْتَدَأِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْفَقُ بِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِمُبْتَدَأٍ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ الِاكْتِسَابِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ كُلِّفَ رَدَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ لِأَنَّهُ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ حِينَئِذٍ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرُدَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَلْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِكَوْنِ الرَّدِّ فَوْرِيًّا أَوْ لَا لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِغَيْرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْهُ عَدَمُ الْكَسْبِ فَيُعْصَى بِهِ وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَدَمُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِيُشْكِلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَجْرَ الْمَرَضِ إلَخْ) أَيْ فَأَثَّرَ فِيمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَجُعِلَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَأُلْحِقَ بِالتَّبَرُّعَاتِ الْمَحْضَةِ (قَوْلُهُ: أَقْوَى) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا عَلَّلَ بِهِ عَدَمَ نُفُوذِ اسْتِيلَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ حَجْرَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ الْمُسَاوِي إلَخْ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ الَّذِي حَجَرَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْحَجْرِ أَيْضًا

. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ الْمُقِرِّ لَا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) مَعْنَاهُ كَمَا ظَهَرَ لِي، ثُمَّ رَأَيْت سم سَبَقَ إلَيْهِ أَنَّا نُعَامِلُهُ مُعَامَلَةَ الْمُوسِرِينَ فَنُطَالِبُهُ بِوَفَاءِ بَقِيَّةِ الدُّيُونِ وَنَحْسِبُهُ عَلَيْهَا، وَمَعْنَى عَدَمِ قَبُولِهِ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيمَا هُوَ مَحْبُوسٌ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يُزَاحِمُ الْمُقَرَّ لَهُ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْحَمْلِ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ نَفْسِهِ وَبَطَلَ ثُبُوتُ إعْسَارِهِ

. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ تَفْوِيتٌ إلَخْ) الْبَاءُ فِي بِأَنَّ سَبَبِيَّةٌ: أَيْ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>