للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ الْأَثَرُ فِيهِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إلَى فِعْلِهِ بَلْ مَحْضُ صُنْعِهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا امْتَنَعَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَكْبِيرِ الشَّجَرَةِ وَتَسْمِينِ الدَّابَّةِ، بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، وَأَشَارَ بِالطَّحْنِ وَالْقَصْرِ إلَى ضَابِطِ صُوَرِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ صُنْعُ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ فِيهِ أَثَرٌ كَخَبْزِ الدَّقِيقِ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّ اللَّحْمِ وَضَرْبِ لَبَنٍ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ وَتَعْلِيمِ الرَّقِيقِ الْقُرْآنَ أَوْ حِرْفَةً، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الظُّهُورُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الدَّابَّةِ وَسِيَاسَتَهَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِسَبَبِهِ أَثَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ (وَلَوْ) (صَبَغَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ (بِصَبْغِهِ) ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ) بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَدْرَ قِيمَةِ الصَّبْغِ) كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ قَبْلَ الصَّبْغِ أَرْبَعَةً وَالصَّبْغِ دِرْهَمَيْنِ فَصَارَ بَعْدَ الصَّبْغِ يُسَاوِي سِتَّةً (رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الثَّوْبِ وَالْمُفْلِسُ شَرِيكٌ بِالصَّبْغِ) فَيُبَاعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ عَلَى أَرْجَحِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ يَشْهَدُ لَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ، فَلَوْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ، وَهَكَذَا فِي صُورَتَيْ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ، فَإِذَا سَاوَى الثَّوْبُ قَبْلَ نَحْوِ الصَّبْغِ خَمْسَةً وَارْتَفَعَ سُوقُهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً وَبِنَحْوِ الصَّبْغِ سَبْعَةً فَلِلْمُفْلِسِ سُبْعٌ، فَإِنْ سَاوَى مَصْبُوغًا سَبْعَةً دُونَ ارْتِفَاعِ سُوقِهِ كَانَ لَهُ سُبْعَانِ (أَوْ) زَادَتْ الْقِيمَةُ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ، وَسِعْرُ الثَّوْبِ بِحَالِهِ كَأَنْ صَارَتْ خَمْسَةً (فَالنَّقْصُ عَلَى الصَّبْغِ) ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهُ تَتَفَرَّقُ وَتَنْقُصُ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ بِحَالِهِ فَيُبَاعُ وَلِلْبَائِعِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ خُمُسُهُ، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الثَّوْبُ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَهُ (أَوْ) زَادَتْ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الصَّبْغِ كَأَنْ صَارَتْ تُسَاوِي فِي مِثَالِنَا ثَمَانِيَةً (فَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ) كُلَّهَا (لِلْمُفْلِسِ) ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ فَيُبَاعُ الثَّوْبُ وَلَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْبَائِعِ كَالسِّمَنِ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ رُبْعُهُ.

وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلِلْمُفْلِسِ ثُلُثُهُ (وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ الصَّبْغَ) وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبًا ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ قَبْلَ صَبْغِهِ فَيَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَلْعَ الصِّبْغِ، وَإِلَّا فَلَهُمْ ذَلِكَ وَغَرَامَةُ أَرْشِ نَقْصِ الثَّوْبِ إنْ نَقَصَ بِالْقَلْعِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ) وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَهُ وَدَفْعَ الزِّيَادَةِ لِلْمُفْلِسِ لَمْ يُمَكَّنْ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يُرِيدَ الْبَائِعُ الرُّجُوعَ فِي الثَّوْبِ بِلَا بَذْلِ مُقَابِلٍ لِلْقِصَارَةِ وَيُرِيدُ جَعْلَ الثَّوْبِ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِنِسْبَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَخْذَ الزِّيَادَةِ وَبَذْلَ الزِّيَادَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ، هَذَا وَفِي التَّصْوِيرِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ) أَيْ وَالْبَائِعُ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْمُفْلِسُ بِإِذْنِهِ مَعَ الْبَائِعِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ: وَكُلُّ الثَّوْبِ لِلْبَائِعِ إلَخْ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا شَرِكَةٌ مُجَاوِرَةٌ لَا شُيُوعٌ، وَلَوْ قَالَ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ) أَوْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ لَا بِسَبَبِهِمَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْقِصَارَةِ اهـ حَجّ وَفِي سم يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهِمَا اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ارْتِفَاعَ السُّوقِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ، فَمَتَى زَادَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِهِمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ اتَّفَقَ شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشَّيْخَيْنِ فِي مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِارْتِفَاعِ سُوقِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ، فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاوَتْ الزِّيَادَةُ الصَّبْغَ وَلِمَا إذَا نَقَصَتْ عَنْهَا وَلِمَا إذَا زَادَتْ، فَقَوْلُهُ: بَعْدَ وَإِنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَنْ ثَمَنِ الصَّبْغِ إلَخْ هُوَ الصُّورَةُ الْوُسْطَى مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، فَالصُّورَةُ فِيهَا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>