مَالَيْهِمَا، وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى قَلْعِ الصَّبْغِ وَغَرَامَةِ نَقْصِ الثَّوْبِ جَازَ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، وَلِصَاحِبِ الصَّبْغِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُفْلِسُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ وَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ، وَلِمَالِكِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ مَعَ غُرْمِ نَقْصِ الصَّبْغِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْأُولَى وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخِيرَتَانِ، وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى ثَوْبٍ فَقَصَّرَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ وَحَبٍّ فَطَحَنَهُ حَبْسُ الثَّوْبِ عَلَى الْمَقْصُورِ وَنَحْوِهِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ حَتَّى يَقْبِضَ أُجْرَتَهُ، كَمَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِصَارَةَ وَنَحْوَهَا عَيْنٌ، وَقَيَّدَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالْبَارِزِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ بِمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِالْقِصَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا حَبْسَ بَلْ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ ضَارَبَ الْأَجِيرَ بِأُجْرَتِهِ، وَإِلَّا طَالَبَهُ بِهَا، وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيَّاطِ تُعْتَبَرُ عَلَى قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا الْقَطْعَ الْمَأْذُونَ فِيهِ كَمَا بَحَثَهُ الْجَوْجَرِيُّ لَا صَحِيحًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ هُنَا وَبَيْنَ الْبَائِعِ حَيْثُ يُحْبَسُ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ أَنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْأَجِيرِ، وَأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لَمَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ كَانَ ضَعِيفًا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجَرِ، وَمَتَى تَلِفَ الثَّوْبُ الْمَقْصُورُ وَنَحْوُهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَتْ أُجْرَتُهُ كَمَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ تَلَفِهِ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِ الْأَجِيرِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَظْهَرُ اعْتِبَارُ وَقْتِ الرُّجُوعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّقْوِيمِ لِيَعْرِفَ مَا لِلْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الثَّوْبِ حِينَئِذٍ خَلِيَّةً عَنْ نَحْوِ الصِّبْغِ وَقِيمَةُ نَحْوِ الصِّبْغِ بِهَا حِينَئِذٍ، وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ حِينَئِذٍ هَلْ هِيَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّالِفِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَفِي الْبَاقِي بِأَكْثَرِهِمَا بِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ فَوَاتُ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْغَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَوَاضِحٌ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَلِكَ أَوْ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ فَهُوَ فِي حُكْمِ عَيْنٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ حُكْمًا غَيْرَ الثَّوْبِ، وَمِنْهُ أَنَّهُ مَتَى سَاوَى شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِبَائِعِهِ إلَّا هُوَ وَإِنْ قَلَّ إنْ أَرَادَهُ وَإِلَّا ضَارَبَ بِقِيمَتِهِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ خَيَّاطٍ وَطَحَّانٍ) أَيْ وَكُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ، بِخِلَافِ نَحْوِ نَقَّادٍ وَشَيَّالٍ مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَ مَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ لِصَاحِبِهِ وَيُطَالِبُهُ بِالْأُجْرَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ: بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ) أَيْ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ أَوْ يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَلَهُمَا وَضْعُهُ عِنْدَ غَيْرِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ عِنْدَ عَدْلٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَصَّارِ حَبْسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا بِرِضَا مَالِكِهِ، وَعَلَيْهِ فَقِيَاسُهُ حَبْسُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي أَصْلِ الْحَبْسِ دُونَ صِفَتِهِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْبِسُهُ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ اسْتِدَامَةً لِيَدِهِ الْمُسْتَنِدَةِ لِمِلْكِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ) أَيْ جَوَازَ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: بِالْقِصَارَةِ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَالْخِيَاطَةِ لَا يُقَالُ: كَثِيرًا مَا يُشَاهَدُ أَنَّ الثَّوْبَ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ لَا يُسَاوِي إذَا بِيعَ قِيمَتَهُ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ وَصْفٍ يَعْرِضُ لِلثَّوْبِ كَاسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْخِيَاطَةِ وَقَطْعُهُ لِأَجْلِهَا لَا يُورِثُ نَقْصًا، أَلَا تَرَى أَنَّ كَثِيرًا يَجْعَلُ حِرْفَتَهُ شِرَاءَ الْقُمَاشِ وَخِيَاطَتَهُ فَلَوْ كَانَتْ الْخِيَاطَةُ وَالْقَطْعُ لَهَا يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ لَمَا اتَّخَذُوهُ حِرْفَةً
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ عَمِلَ الْمُفْلِسُ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) أَيْ كَتَلَفِ الْأَحْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى حَمْلِهَا إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ
(قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْأَجِيرُ) أَيْ وَلَوْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْمُفْلِسِ إذْ لَا سَلَاطَةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا حِينَئِذٍ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِمَا إلَخْ) هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْمُفْلِسِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute