مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا (وَالْعَبْدُ) أَيْ الْقِنُّ (لِسَيِّدِهِ) وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى (وَالْمُرْتَدُّ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ لِحَقِّهِمْ (وَلَهَا أَبْوَابٌ) تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا يَأْتِي، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْهُ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ هَذَا النَّوْعِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ صُورَةً، بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُ مَسَائِلِهِ وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَقْصُودُ الْبَابِ حَجْرُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُبَذِّرِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ، وَحَجْرُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ، وَزَادَ الْمَاوَرْدِيُّ نَوْعًا ثَالِثًا وَهُوَ مَا شُرِعَ لِلْأَمْرَيْنِ: يَعْنِي مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُكَاتَبُ كَمَا مَرَّ (فَبِالْجُنُونِ تَنْسَلِبُ الْوِلَايَاتُ) الثَّابِتَةُ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَالْإِيصَاءِ وَالْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَلِ أَمْرَ نَفْسِهِ، فَأَمْرُ غَيْرِهِ أَوْلَى، وَعَبَّرَ بِالِانْسِلَابِ دُونَ الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ؛ لِأَنَّ الزَّرْكَشِيَّ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعٌ عَلَى هَذَا) قَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَيَّنُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَيُصَوَّرُ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّعَ لِغَيْرِ الْغُرَمَاءِ امْتَنَعَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا، وَجَازَ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ مِمَّا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُ فِي غَيْرِ تَوْفِيَةِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَالْمَرِيضُ فِي ثُلُثَيْ إلَخْ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَوْ وَفَّى بَعْضَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِدَيْنِهِ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ فَقَوْلُ جَمْعٍ: إنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ مُرَادُهُمْ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ حَجّ: أَيْ بِخِلَافِ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِتَقْدِيمِ السَّبَبِ م ر اهـ.
وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ: هَذَا وَأَجَابَ حَجّ هُنَا بِأَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ مُجَرَّدُ تَخْصِيصٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ فَلَا يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهِمْ اهـ (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَدُّ لِلْمُسْلِمِينَ) ع مِنْهُ أَيْضًا الْحَجْرُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي كَاتَبَهُ وَالْعَبْدُ الْجَانِي وَالْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ، إلَّا أَنَّ هَذِهِ رُبَّمَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ، وَأَصْلُهُ وَالْحَجْرُ الْغَرِيبُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ، وَعَلَى السَّابِي لِلْحَرْبِيِّ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ دَيْنٌ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا، وَدَارُ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَالْحَمْلِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ شَخْصًا عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا كَصِبْغٍ أَوْ قِصَارَةٍ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَيُتَأَمَّلُ مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ بِالْفَسْخِ خَرَجَ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَصَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ الْمَبِيعُ مَرْهُونًا بِهِ فَمَا وَجْهُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَا يُتَأَمَّلُ فِي الصُّورَةِ التَّالِيَةِ لَهَا فَإِنَّ مُجَرَّدَ سَبْيِ الْحَرْبِيِّ لَا يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ مَالِ الْحَرْبِيِّ فِي يَدِ سَابِيهِ فَمَا مَعْنَى الْحَجْرِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُبَذِّرِ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدَيْنِهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ حَجْرَ الصِّبَا إنَّمَا يَزُولُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا، فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبَا وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ ذَهَبَ حَجْرُ الصِّبَا وَخَلَفَهُ حَجْرُ السَّفَهِ (قَوْلُهُ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ) أَيْ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ أَصْلًا، وَالصَّبِيُّ يُعْتَدُّ بِبَعْضِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ وَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ، وَالْمُبَذِّرُ يُعْتَدُّ بِقَبُولِهِ النِّكَاحَ بِإِذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ وَلَا يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَيَصِحُّ تَدْبِيرُهُ لِأَرِقَّائِهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ثَمَّ: وَلِلَّهِ الْعِتْقُ وَمَصْلَحَتُهُ تَعُودُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ ثَمَّ: لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ وَقَوْلُهُ هُنَا: مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: كَالْإِيصَاءِ) بِأَنْ يَكُونَ وَصِيًّا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ وَلِحَقِّهِ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلٍ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالِانْسِلَابِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَآثَرَ السَّلْبَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمَنْعَ وَلَا عَكْسَ انْتَهَتْ. لَكِنْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ التَّعْبِيرُ بِالِانْسِلَابِ، وَلَعَلَّهَا الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قُصُورٌ عَنْ تَأْدِيَةِ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُفِيدُ السَّلْبَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَقْصُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute