للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مَالَ نَفْسِهِ لَهُ وَلَا يَقْتَصُّ لَهُ وَلِيُّهُ، وَلَوْ أَبًا فَشَمَلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ وَمَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ، وَلَا يَعْفُو عَنْ قِصَاصٍ إلَّا فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ غَايَةً تُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، وَلَا يُكَاتِبُ رَقِيقَهُ وَلَا يُدَبِّرُهُ وَلَا يُعَلِّقُ عِتْقَهُ عَلَى صِفَةٍ وَلَا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَا يَصْرِفُ مَالَهُ فِي الْمُسَابِقَةِ وَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَنْعُ شِرَاءِ الْجَوَارِي لَهُ لِلتِّجَارَةِ لَغَرَرِ الْهَلَاكِ وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ (وَيَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ) الَّتِي رَآهَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِعْلِهَا وَيَتْرُكُ الْأَخْذَ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَإِنْ عُدِمَتْ فِي التَّرْكِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَالنَّصُّ يُفْهِمُهُ، وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَهُ: يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا هُنَا بِوُجُوبِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَحَكَوْا وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا بِيعَ شَيْءٌ بِغِبْطَةٍ هَلْ يَجِبُ شِرَاؤُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّفْعَةَ ثَبَتَتْ وَفِي الْإِهْمَالِ تَفْوِيتٌ، وَالتَّفْوِيتُ مُمْتَنِعٌ، بِخِلَافِ الِاكْتِسَابِ فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ وُجُودِ الْغِبْطَةِ وَكَمُلَ الْمَحْجُورُ أَخَذَهَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْوَلِيِّ حِينَئِذٍ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وَلَايَتِهِ فَلَا يَفُوتُ بِتَصَرُّفِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْغِبْطَةِ وَلَوْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ مَعًا، وَلَوْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْوَلِيِّ بِأَنْ بَاعَ شِقْصًا لِلْمَحْجُورِ وَهُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا؛ إذْ لَا تُؤْمَنُ مُسَامَحَتُهُ فِي الْبَيْعِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ شِقْصًا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ فَلَهُ الْأَخْذُ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، أَمَّا هُمَا فَلَهُمَا الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَالرَّافِعِيِّ بِالْمَصْلَحَةِ دُونَ الْغِبْطَةِ أَوْلَى لِعُمُومِهَا؛ إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ لَهَا وَقْعٌ، وَالْمَصْلَحَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِنَحْوِ شِرَاءِ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحُ وَبَيْعُ مَا يُتَوَقَّعُ فِيهِ الْخُسْرَانُ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَلَى الْوَلِيِّ بَيْعٌ خَالٍ عَنْ نَفْعٍ وَضَرَرٍ لَا الَّذِي فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فِيهِ إلَى الْغِبْطَةِ، وَلَوْ أَخَذَ الْوَلِيُّ مَعَ الْمَصْلَحَةِ فَكَمُلَ الْمَحْجُورُ، وَأَرَادَ الرَّدَّ لَمْ يُمْكِنْ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِ الْأَصْلِ تَرْكَ الْأَخْذِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ بِدُونِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِانْتِفَاءِ اتِّهَامِهِ. .

(وَيُزَكِّي مَالَهُ) وَبَدَنَهُ فَوْرًا حَتْمًا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمَا حِسْبَةً بِأَنَّهُمَا أَخَذَا مَالَ مَحْجُورِهِمَا وَتَصَرَّفَا فِيهِ لِأَنْفُسِهِمَا.

(قَوْلُهُ: مَا لَوْ وَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الصَّبِيُّ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِيَ لَهُ إلَّا مِنْ ثِقَةٍ)

أَيْ خَوْفًا مِنْ خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ أَخْفَاهُ الْبَائِعُ وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى التَّدَارُكُ بَعْدُ فَلَوْ خَالَفَ بَطَلَ

(قَوْلُهُ: لِغَرَرِ الْهَلَاكِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَلَا يَظْهَرُ جَوَازُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ لِغَرَرِ الْهَلَاكِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الشُّفْعَةَ: أَيْ الْأَخْذَ بِهَا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ بَاعَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ

(قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ بِهَا) أَيْ لِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا اشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) بَاعَ لَهُ أَوْ أَخَذَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى) لَا يُقَالُ: سَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَخْ.

لِأَنَّا نَقُولُ: مَا هُنَا أَعَمُّ لَا يَأْتِي فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ) أَيْ الصَّبِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَيُزَكِّي مَالَهُ وَبَدَنَهُ إلَخْ) إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ ذَلِكَ وَافَقَ مَذْهَبَ الْوَلِيِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ فَالِاحْتِيَاطُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ أَنْ يَحْسِبَ زَكَاتَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُخْبِرَهُ بِهَا، أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِقَاضٍ يَرَى وُجُوبَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَشَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَهُ) مُرَادُهُ بِهِ تَصْوِيرُ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ مَعَ بَقَاءِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ ثِقَةٍ) أَيْ فَقَدْ يَخْرُجُ الْبَيْعُ مُسْتَحَقًّا. (قَوْلُهُ: لِلْمَحْجُورِ) وَصْفٌ لِلشِّقْصِ أَيْ بَاعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: إذْ الْغِبْطَةُ كَمَا مَرَّ بَيْعٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) الَّذِي مَرَّ لَيْسَ هُوَ قَصْرَ الْغِبْطَةِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَاصَدَقَاتِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ التَّصَرُّفَ بِدُونِهِمَا) يَعْنِي الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ إذْ غَيْرُهُ سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ بَعْضُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>