للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بِالْمَجَاهِيلِ أَشْبَهُ (وَلَوْ) (صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْعَيْنِ (لِنَفْسِهِ) بِعَيْنِ مَالِهِ أَوْ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، (وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَك بِالْمُدَّعَى أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (صَحَّ) الصُّلْحُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ مَعَهُ خُصُومَةٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ تَرَتَّبَ عَلَى دَعْوَى وَجَوَابٍ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ خُصُومَةٍ: صَالِحْنِي (وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ) بِلَفْظِ الشِّرَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ رَادًّا بِهِ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقُولُ: وَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مَعَ أَنَّهُ شِرَاءٌ حَقِيقَةً فَلَا مَعْنَى لِلتَّشْبِيهِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَهُ، فَلَوْ كَانَ مَبِيعًا قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ (وَإِنْ) (كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مُنْكِرًا وَقَالَ الْأَجْنَبِيُّ: هُوَ مُبْطِلٌ فِي إنْكَارِهِ) ؛ لِأَنَّكَ صَادِقٌ عِنْدِي فَصَالِحْنِي لِنَفْسِي، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَهُوَ شِرَاءُ مَغْصُوبٍ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قُدْرَتِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَيَصِحُّ (وَعَدَمِهَا) فَلَا يَصِحُّ وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ مُبْطِلٌ) مَعَ قَوْلِهِ: وَهُوَ مُنْكِرٌ وَصَالَحَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَغَا الصُّلْحُ) ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا يُثْبِتُ مِلْكَهُ لَهُ، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَالَ: هُوَ مُحِقٌّ أَوْ لَا أَعْلَمُ أَوْ سَكَتَ، وَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْأَمْرُ فِيهَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ.

وَلَوْ وَقَفَ مَكَانًا وَأَقَرَّ بِهِ لِمُدَّعٍ لَهُ غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ لِحَيْلُولَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِوَقْفِهِ، وَلَوْ صَالَحَ مُتْلِفُ الْعَيْنِ مَالِكَهَا فَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ حَالَّةً، فَلَمْ يَصِحَّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَا عَلَى مُؤَجَّلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّبَا، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ بِأَكْثَرَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ ثُمَّ صَالَحَ عَنْهُ صَحَّ إنْ عَرَفَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَحَدٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ وَكَّلَ الْمُنْكِرُ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ أَجْنَبِيًّا جَازَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَإِنْكَارُ حَقِّ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَلَوْ بَذَلَ لِلْمُنْكِرِ مَالًا لِيُقِرَّ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ بَلْ يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَأَخْذُهُ لِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ بِهِ مُقِرًّا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْأَجْنَبِيُّ قَرْضًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمَالِكِ نَفْسِهِ بِثَوْبِهِ كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يُنْظَرْ لِكَوْنِ الدَّيْنِ كَانَ مَجْهُولًا

(قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ مَبِيعًا) أَيْ لِلْمُدَّعَى، وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ: الْمُرَادُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَاعَهُ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقْبِضْهُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ الْمُدَّعِي حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْحِسُّ فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ

(قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ) قَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الصِّحَّةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ مَحَلَّ الصِّحَّةِ حَيْثُ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُقِرًّا، وَهُوَ هُنَا مُنْكِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: نَزَّلُوا قَوْلَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ مُبْطِلٌ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِمُبَاشَرَتِهِ الْعَقْدَ (قَوْلُهُ: مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ) أَيْ مِنْ إبْقَاءِ الصُّلْحِ.

(قَوْلُهُ بِوَقْفِهِ) أَيْ وَيُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ ظَاهِرًا، وَأَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْمَدَارُ عَلَى الصِّدْقِ وَعَدَمِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَكَّلَ الْمُنْكِرُ) يُتَأَمَّلُ مُغَايَرَةُ هَذِهِ لِقَوْلِ الْمَتْنِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنْ قَالَ: وَكَّلَنِي إلَخْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّوْكِيلَ فِيمَا سَبَقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ لَهُ بَاطِنًا وَمَا هُنَا قَبْلَهُ ثُمَّ يَقَعُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ التَّوْكِيلِ

(قَوْلُهُ: حَرَامٌ) أَيْ بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا لِيُبْرِئَهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَصِحَّ الْبَذْلُ وَلَا الْأَخْذُ، وَأَنَّهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: هُوَ بِالْمَجَاهِيلِ أَشْبَهُ) أَيْ: وَهُوَ غَيْرُ مَجْهُولٍ فَلَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ فَإِنَّ فِيهِ جَهَالَةً أَيَّ جَهَالَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّك صَادِقٌ عِنْدِي) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ وَأَنْتَ الصَّادِقُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْبِتْ مِلْكَهُ لَهُ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ

. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ جِنْسِهَا) قَيْدٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ: جَازَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي) أَيْ: حَلَّ التَّوْكِيلُ وَقِيلَ لَا يَحِلُّ.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>